سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ١٣٢
وهذا هو منهجه في معظم الحنفية لم نره تكلم في أحدهم بسبب المذهب، لا من الشافعية ولا المالكية، ولا الحنفية.
ولو قال السبكي: إنه كان يتعصب على الأشاعرة حسب، لوجد بعض الآذان الصاغية، ولبحث له المؤيدون عن بضعة نصوص قد تؤيد رأيه، علما أني بحثت في " تاريخ الاسلام " " وسير أعلام النبلاء " وغيرهما فلم أستطع أن أحصل على مثل يصلح أن يسمى انتقادا لأشعري. نعم قد نجد بعض تقصير في تراجم قسم من الأشاعرة. وفي هذا المجال صرت أشعر أن سبب قصر بعض تراجم الأشاعرة، قد جاء من عدم قيام الذهبي بنقل آراء المخالفين بتوسع حبا منه للعافية، كما في ترجمة أبي الحسن الأشعري الذي لم يأت الذهبي بكلمة نقد فيه مع أن الأشعري قضى القسم الأكبر من حياته معتزليا، ونحن نعرف موقف الذهبي من المعتزلة. والواقع أن الذهبي ما بخس فضل هذا الرجل إلى درجة أنه عده مجددا في أصول الدين على رأس المئة الرابعة (1) أما كلام الذهبي في الصوفية، فصحيح ما قاله السبكي، ولكن في النادر منهم، وهذا رأي ارتآه الذهبي، وأعتقد فيه وآمن به، فقد ميز بين طائفتين منهم.
أولا هما: كانت متمسكة بالدين القويم، متبعة للسنة، احترمهم الذهبي الاحترام كله، بل لبس هو خرقة التصوف من الشيخ ضياء الدين عيسى بن يحيى الأنصاري السبتي عند رحلته إلى مصر (2)، وكان يعتقد ببعض كرامات كبار الزهاد، ويعنى بإيرادها في كتابه، بل يكثر منها عادة (3)، ويورد بعض

(1) تفسير للحديث الشريف " يبعث الله من يجدد.. الحديث " وقد فسر الذهبي " من " لصيغة الجمع. انظر السبكي " طبقات " 3 / 26.
(2) تاريخ الاسلام، الورقة 126 (أيا صوفيا 3012).
(3) انظر تاريخ الاسلام مثلا الورقة 6، 18، 20، 100، 175 (أحمد الثالث 2917 / 9).
(مقدمة الكتاب ١٣٢)