سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ١٣٣
أقوالهم وحكاياتهم في الزهد والمحبة فيه (1).
أما الثانية: فقد عدهم الذهبي مارقين عن الدين، مشعوذين، بهم مس من الجنون، ومنهم الأحمدية (2) أتباع الشيخ أحمد الرفاعي، والقلندرية (3) وشيخها جمال الدين محمد الساوجي فقد ذكر ترهاته وانغشاش الناس به، وبحاله الشيطاني (4)، ووصف بعض أحوالهم في ترجمة يوسف القميني " ت 657 ه‍ " فقال: " وكان يأوي إلى قمين حمام نور الدين، ولما توفي، شيعه خلق لا يحصون من العامة، وقد بصرنا الله تعالى وله الحمد وعرفنا هذا النموذج.. فقد عم البلاء في الخلق بهذا الضرب.. ومن هذا الأحوال الشيطانية التي تضل العامة: أكل الحيات ودخول النار، والمشي في الهواء ممن يتعانى المعاصي، ويخل بالواجبات. وقد يجئ الجاهل، فيقول:
اسكت، لا تتكلم في أولياء الله، ولم يشعر أنه هو الذي تكلم في أولياء الله ، وأهانهم إذ أدخل فيهم هؤلاء الأوباش المجانين أولياء الشيطان (5) ".
ولم يكن الذهبي متعصبا للحنابلة بالمعنى الذي صوره السبكي، فالرجل كان محدثا يحب أهل الحديث، ويحترمهم، إلا أن هذا لم يمنعه من تناول مساوئ بعضهم، فقد نقل عن الإمام ابن خزيمة في ترجمة الطبري المؤرخ قوله: " ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير، ولقد ظلمته

(1) تاريخ الاسلام،؟؟ الورقة 15، 20، 26، 123، 155، 166، 154، 187، 202، 215، 237 (أحمد الثالث 2917 / 9)، وسير أعلام النبلاء، مثلا: 21 / التراجم: 89، 93، 106، 132.. الخ.
(2) " معجم الشيوخ " م 1 الورقة 40 علما بأنه ترجم في " السير " للرفاعي ترجمة رائعة ووصفه بأنه " الامام القدوة العابد الزاهد شيخ العارفين " 21 / الترجمة 26.
(3) القلندرية: المحلقون أي الذي يحلقون رؤوسهم ولحاهم.
(4) الورقة 104 (أيا صوفيا 3012).
(5) الورقة 174 (أيا صوفيا 3013). وقمين الحمام: أتونه.
(مقدمة الكتاب ١٣٣)