سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ١٣٥
الحكم في تقويمه، ولكنني أقول: إن تحقيق كثير من الانصاف، وإن لم يكن كله، أمر له قيمته العظمى في كل عصر.
ثامنا أهمية كتاب السير:
السير ليس مختصرا لتاريخ الاسلام:
ذكرنا عند الكلام على منهج " السير " أن الذهبي عني بذكر " الاعلام " وأسقط المشهورين، ولكن هذا لا يعني أن المؤلف استل جميع تراجم الاعلام من " تاريخ الاسلام " فذكرهم في هذا الكتاب وإن كان كل علم مذكور في هذا الكتاب قد تناوله المؤلف في " تاريخ الاسلام " تقريبا، فقد وجدنا بعد دراستنا للكتابين جملة فروق أساسية بينهما، إضافة لما ذكرنا، من أبرزها:
1 أن المؤلف كتب تراجم الصدر الأول من " السير " بشكل يختلف اختلافا تاما عما كتبه في " تاريخ الاسلام "، فمعظم تراجم الصدر الأول هذه تراجم حافلة لا يمكن مقارنتها من حيث غزارة الاخبار، وجودة التنظيم بمثيلاتها في " تاريخ الاسلام "، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا يلمسها الباحث عند دراسته للكتابين المذكورين، واكتفي هنا بمثل واحد يدعم هذا الذي أذهب إليه: فقد ترجم الذهبي في " السير " لازواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته تراجم حافلة استغرقت عشرات الصفحات (1) مما لا نجد له مثيلا من حيث غزارة المادة والسعة في تاريخه حيث لم يذكر عنهن هناك إلا النزر اليسير.
2 ألف الذهبي مجموعة كبيرة من السير الخاصة بالرجال البارزين في تاريخ الاسلام وأفردها بمؤلفات مستقلة (2)، فلما ألف " سير أعلام النبلاء "

(1) أنظر المجلد الثاني من " السير " وقارن تاريخ الاسلام: 2 / 414 419 (ط. القدسي الثانية).
(2) أنظر كتابي: الذهبي ومنهجه: 202 211.
(مقدمة الكتاب ١٣٥)