الطاهرة ". وهذا منهج انتهجه في معظم أقسام كتابه وهو يدل على دقة ومنهج متميز وعقلية نقدية في غاية الرقي.
ثم وجدنا الذهبي بعد ذلك لا يكتفي بنقد السند في كثير من الأحاديث والروايات التي يوردها ويضعفها استنادا إلى ضعف في سندها، بل يحاول جاهدا إيراد ما يقوي هذا التضعيف من الأدلة التاريخية التي تتوافر له، من ذلك مثلا ما جاء في ترجمة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (1): " أبو الحسن المدائني، عن يزيد بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال:
دخل عيينة بن حصن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده عائشة وذلك قبل أن يضرب الحجاب فقال: من هذه الحميراء يا رسول الله.. الحديث " حيث علق الذهبي بقوله: " هذا حديث مرسل، ويزيد متروك، وما أسلم عيينة إلا بعد نزول الحجاب "، ثم أفاض في نقد الحديث وكان يكفيه بعض من هذا لرد الحديث.
ب نقد المتن:
وهو الذي يقوم على نقد متن الرواية وتحليلها وعرضها على الوقائع التي هي أقوى منها، ومعارضتها بها، ودراسة لغة الخبر وغيرها، واستخدام جميع الوسائل المتاحة للناقد التي تثبت دعواه. وقد عني الامام الذهبي في هذا النوع من النقد عناية بالغة في هذا الكتاب، فرد مئات الروايات وأبطلها بنقده المتين وأسلوبه العلمي المتزن الذي ينبئ عن غزارة علم ونبالة قصد، وقدرة فائقة، وسعة اطلاع. فمن ذلك مثلا تعليقه على الخبر الذي يشير إلى أن العباس بن عبد المطلب أسلم قبل بدر وأنه طلب القدوم إلى المدينة وأن