حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفارسي بنيسابور في مجلس محمد بن يحيى سنة إحدى وأربعين ومئتين.
وقال أبو إسحاق بن حمزة: سمعت أبي يقول: كنت رحلت إلى يعقوب بن سفيان فبقيت عنده ستة أشهر، فقلت له: طال مقامي عندك، ولي والدة. فقال لي يعقوب: رددت الباب على والدتي ثلاثين سنة.
وقال محمد بن يزيد العطار: سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كنت في رحلتي في طلب الحديث، فدخلت إلى بعض المدن، فصادفت بها شيخا، احتجت إلى الإقامة عليه للاستكثار منه، وكانت نفقتي قد قلت، وقد بعدت عن بلدي ووطني، فكنت أدمن الكتبة ليلا وأقرأ عليه نهارا، فلما كان ذات ليلة، كنت جالسا أنسخ في السراج، وكان شتاء، وقد تصرم الليل، فنزل الماء في عيني، فلم أبصر السراج ولا الكتب ولا النسخ الذي كان في يدي، فبكيت على نفسي لانقطاعي عن بلدي وعلى ما فاتني من العلم الذي كتبت وما يفوتني مما كنت عزمت على كتبه، فاشتد بكائي حتى انثنيت على جنبي، فحملتني عيناي، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فناداني: يا يعقوب بن سفيان لم أنت كئيب؟ فقلت يا رسول الله! ذهب بصري، فتحسرت على ما فاتني من كتب سنتك وعلى الانقطاع عن بلدي. فقال لي: أدن مني. فدنوت منه، فأمر يده على عيني، كأنه يقرأ عليهما، ثم استيقظت، فأبصرت، وأخذت نسخي، فعدت في السراج أكتب.
وقال محمد بن إسماعيل الفارسي، عن أبي زرعة الدمشقي: