حدثنا عبد الله بن أبي سعد، قال: حدثنا عبد الله بن الحسين بن الربيع، قال: حدثنا الهيثم بن عدي، قال: لما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه معاوية حمص وفد عليه أعشى همدان، قال: ما أقدمك أبا المصبح؟ قال: جئت لتصلني وتحفظ قرابتي وتقضي ديني. قال: فأطرق النعمان، ثم رفع رأسه، ثم قال: والله ما شئ. ثم قال: هيه، كأنه ذكر شيئا، فقام فصعد المنبر، فقال:
يا اهل حمص - وهم يومئذ في الديوان عشرون ألفا - هذا ابن عم لكم من اهل القرآن والشرف، قدم عليكم يسترفدكم فما ترون منه؟ قالوا: أصلح الله الأمير، احتكم له. فأبى عليهم. قالوا: فإنا قد حكمنا له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين يعجلها له من بيت المال، فعجل له أربعين الف دينار، فقبضها ثم أنشأ يقول:
فلم أر للحاجات عند انكماشها * كنعمان أعني ذا الندى ابن بشير.
إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن * كمدل إلى الأقوام حبل غرور.
متى أكفر النعمان لم أك شاكرا * وما خير من لا يقتدي بشكور.
وقال بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو: حدثني عبد الرحمان بن جبير بن نفير، عن أبيه انه أتى بيت المقدس يريد الصلاة فيه، فجلس إلى رجل قد اجتمع الناس عليه، فقال: من الرجل؟ فقلت: رجل من أهل حمص. قال: كيف وجدتم إمارة النعمان بن بشير؟ فذكرت خيرا، قال: إذا أتيته فأقرئه مني السلام وقل له ان فضالة بن عبيد يقول لك قوله لك وقولك له. فقلت:
والله ما أدري ما هذا؟ قال: إني سأبينه لك: لقيته بالمدينة وهو معني بالجهاد، فقلت: أين تريد؟ فقال: اني ابتعت نفسي من الله