قال أحمد بن عبد الله العجلي (1): عفان بن مسلم بصري ثقة ثبت صاحب سنة، وكان على مسائل معاذ بن معاذ القاضي فجعل له عشرة آلاف دينار على أن يقف عن تعديل رجل فلا يقول عدل ولا غير عدل. قالوا: قف عنه فلا تقل فيه شيئا. فأبى، وقال: لا أبطل حقا من الحقوق، وكان يذهب برقاع المسائل إلى الموضع البعيد يسأل، فجاء يوما إلى معاذ بالرقاع وقد تلطخت بالناطف، فقال له: أي شئ ذا؟
قال: إني أذهب إلى الموضع البعيد فيصيبني الجوع فأخذت ناطفا جعلته في كمي أكلته.
وقال عبد الله بن جعفر بن خاقان المروزي (2): سمعت عمرو بن علي قال: جاءني عفان في نصف النهار، فقال لي: عندك شئ تأكله؟
فما وجدت في منزلي خبزا ولا دقيقا ولا شيئا نشتري به. فقلت: إن عندي سويق شعير. فقال لي: أخرجه. فأخرجت له من ذاك السويق فأكل أكلا جيدا. فقال: ألا أخبرك بأعجوبة; شهد فلان وفلان عند القاضي، والقاضي يومئذ معاذ بن معاذ العنبري، بأربعة آلاف دينار على رجل، فأمرني أن أسأل عنهما، فجاءني صاحب الدنانير فقال لي: لك من هذا المال الذي لي على هذا الرجل نصفه وهو ألفا دينار وتعدل شاهدي. فقلت: استحييت لك، وشهوده عندنا غير مستورين.
قال: وكان عفان على مسألة معاذ بن معاذ.
قال: وقيل لمعاذ: ما تصنع بعفان وهو رجل مغفل لا يحسن قبيله من دبيره. فسكت، فوجهه يوما في مسألة، فذهب فسأل عنهم وجعل كتاب المسألة في كمه، فمر بأصحاب القبيط فاشتهى من ذاك