تهذيب الكمال - المزي - ج ١ - الصفحة ٢٣١
وكان يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويكون في مهنة أهله (1).
ويعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويجيب دعوة الغني والفقير، ويحب المساكين ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم، لا يحقر فقيرا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه.
وكان يركب الفرس والبعير والبغلة والحمار، ويردف خلفه عبده أو غيره ولا يدع أحدا يمشي خلفه ويقول: دعوا ظهري للملائكة. (2).
وكان يلبس الصوف، وينتعل المخصوف. وكان أحب اللباس إليه الحبرة وهي من برود اليمن فيها حمرة وبياض.
وكان خاتمه من فضة، فصه منه، يلبسه في خنصره الأيمن، وربما لبسه في الأيسر.
وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع (3). وقد أوتي بمفاتيح خزائن الأرض كلها (4). فأبى أن يقبلها، واختار الآخرة عليها.

(1) أخرج عبد الرزاق في " المصنف " (20492) من طريق معمر، عن الزهري، وهشام بن عروة عن أبيه قال: سأل رجل عائشة: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: " نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته " وإسناده صحيح، وأخرج أحمد 6 / 256 بإسناد صحيح عن عائشة قالت: سئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: كان بشرا من البشر يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه. (ش).
(2) أخرجه ابن سعد في " الطبقات " من حديث جابر بلفظ: " امشوا أمامي " خلوا ظهري للملائكة " وأخرجه أحمد 3 / 302، وابن ماجة (246) في المقدمة من طريق وكيع، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر، بلفظ: " كان أصحابه يمشون أمامه إذا خرج، ويدعون ظهره للملائكة ". وإسناده صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد ": 19، وقال: رواه أحمد بن منيع في " مسنده " حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان بن بلفظ: مشوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " امشوا أمامي، وخلفوا ظهري للملائكة ". قلت: وهذا سند صحيح أيضا. وأخرجه أحمد 3 / 332، والحاكم 4 / 281 من طريق سفيان به بلفظ " كان إذا خرج من بيته، مشينا قدامه، وتركنا ظهره للملائكة ".
(ش).
(3) انظر البخاري (4101) في المغازي: باب غزوة الخندق، ومسلم 3 / 1614. (ش).
(4) في البخاري (2977) و (6998) و (7013) و (7273)، ومسلم (523) (6) من حديث أبي هريرة مرفوعا " بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، فبينا أنا نائم أوتيت مفاتيح خزائن الأرض، فوضعت في يدي " قال أبو هريرة: وأنتم اليوم تنتثلونها. وفي البخاري (1344) و (3596) و (4085) و (6426) و (6590)، ومسلم (2296) من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما، فصل على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: " إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني، والله، لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني، والله، ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها ". (ش).
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»