تهذيب الكمال - المزي - ج ١ - الصفحة ٢٠
كلاما شديدا، وعمل على ثبات البلاد حينما خلت من الجيوش القادرة على رد الغزو المدمر، فكان يدور على الأسوار يحرض الناس على الصبر والقتال، ويتلو عليهم آيات الجهاد والرباط، وأقام معسكرات التدريب في كل مكان ومنها المدارس، فكان المحدثون والفقهاء يتعلمون الرمي، ويستعدون لقتال العدو (75). ثم سافر إلى مصر يحض الدولة والناس على القتال حتى تمكن في سنة (702) من رص الصفوف، وتوحيد القلوب، وتحديد الهدف مما أدى إلى الانتصار الكبير في وقعة " شقحب " التي شارك الإمام ابن تيمية في القتال فيها يصحبه طلبة العلم من المحدثين والفقهاء والصالحين، وكان يحرض الجيش والمطوعة في ساحة القتال على البلاء ويبشرهم بالنصر (76)، قال ابن كثير: " وجعل يحلف بالله الذي لا إله إلا هو " إنكم منصورون عليهم هذه المرة، فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله، فيقول: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا، وأفتى الناس بالفطر مدة قتالهم وأفطر هو أيضا " (77).
أقول: إن هذه الشخصية العظيمة جذبت المزي إليها، فأعجب المزي بابن تيمية الاعجاب كله، وترافق معه طيلة حياته، قال الذهبي: " ترافق هو وابن تيمية كثيرا في سماع الحديث، وفي النظر في العلم، وكان يقرر طريقة السلف في السنة، ويعضد ذلك بمباحث نظرية وقواعد كلامية.. وما وراء ذلك بحمد الله إلا حسن إسلام وحسبة لله مع أني لم أعلمه ألف في ذلك شيئا " (78)، وقال التاج السبكي: " واعلم أن هذه الرفقة أعني المزي والذهبي والبرزالي وكثيرا من أتباعهم، أضر بهم أبو العباس ابن تيمية إضرارا بينا،

(٧٥) انظر تاريخ الاسلام، الورقة: ٣٣٤ فما بعد (أيا صوفيا: ٣٠١٤)، والبداية: ١٤ / ٦ ١٢.
(٧٦) أعيان العصر: ٨ / ١ ٧ من نسختي المصورة عن أيا صوفيا: ٢٩٦٨.
(٧٧) البداية: ١٤ / ٢٦.
(٧٨) تذكرة الحفاظ: ٤ / 1499.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»