فتألم لحبس المزي، وذهب إلى السجن، وأخرجه بنفسه، ولم يحفل بالسلطة، وراح إلى القصر، فوجد القاضي ابن صصري هناك، فتقاولا بسبب المزي، فحلف ابن صصرى لا بد أن يعيده إلى السجن وإلا عزل نفسه، وكان الأفرم غائبا عن دمشق ذلك اليوم، فأمر نائبه بإعادته تطييبا لقلب القاضي، فحبسه عنده أياما ثم أطلقه (81).
وكان ابن تيمية كثير الاعتماد على المزي وعلمه ومعرفته، فحينما خرج من سجنه بمصر سنة (709) بعد عودة السلطان محمد بن قلاوون وجلس في القاهرة ينشر علمه، احتاج إلى بعض كتبه التي بالشام، فكتب إلى أهله كتابا يطلب جملة من كتب العلم التي له، وطلب منهم أن يستعينوا على ذلك، بجمال الدين المزي " فإنه يدري كيف يستخرج له ما يريده من الكتب التي أشار إليها " (82). وحينما ولي المزي أكبر دار حديث بدمشق هي دار الحديث الأشرفية سنة (718) فرح ابن تيمية فرحا عظيما بذلك وقال: " لم يل هذه المدرسة من حين بنائها إلى الآن أحق بشرط الواقف منه " (83). وقد وليها عظماء العلماء المحدثين منهم: تقي الدين ابن الصلاح (577 643)، وابن الحرستاني (577 662)، وأبو شامة (599 665) ومحيي الدين النووي (631 676) وغيرهم، فقد اعتمد ابن تيمية قول الواقف: " ان اجتمع من فيه الرواية ومن فيه الدراية قدم من فيه الرواية " (84) ففضله ابن تيمية بذلك على جميع المتقدمين في الرواية.
ولما توفي شيخ الاسلام ابن تيمية مسجونا بقلعة دمشق، لم يسمح لاحد بالدخول أول الامر إلا لخواص أصحابه، قال ابن كثير: