تهذيب الكمال - المزي - ج ١ - الصفحة ٢١
وحملهم من عظائم الأمور أمرا ليس هينا، وجرهم إلى ما كان التباعد عنه أولى بهم، وأوقعهم في دكادك من نار المرجو من الله أن يتجاوزها لهم ولأصحابهم " (79). وهذه النصوص تشير إلى قدم هذه العلاقة التي ابتدأت منذ أيام الطلب، وأخذت تنمو على مرور الأيام، فتزيد متانة وصلابة.
وهكذا تكون فكر الحافظ المزي، فهو شافعي المذهب، سلفي العقيدة، أخلص الاخلاص كله لرفيقه ابن تيمية وآرائه التجديدية، وجعله مثله الأعلى، ويظهر ذلك جليا من دراسة سيرتيهما، فقد أوذي المزي بسبب ذلك: أوذي مرة، واختفى مدة من أجل تحديثه بتاريخ بغداد للخطيب البغدادي (80)، وأوذي ثانية في رجب من سنة (705) حينما تناظر ابن تيمية مع الأشاعرة عند نائب السلطنة الأفرم، وقرئت عقيدة ابن تيمية الواسطية وحصل البحث في أماكن منها، ثم اضطر المناظرون له إلى قبولها بعد أن أفحمهم شيخ الاسلام، فقعد المزي عندئذ تحت قبة النسر بجامع دمشق، وقرأ فصلا بالرد على الجهمية من كتاب " أفعال العباد " للامام البخاري بعد قراءة ميعاد البخاري، فغضب بعض الفقهاء الشافعية الحاضرون، وقالوا: نحن المقصودون بذلك، وشكوه إلى القاضي الشافعي نجم الدين أحمد ابن صصرى، وكان عدوا للشيخ ابن تيمية، فسجن المزي، فبلغ الشيخ تقي الدين ذلك

(79) الطبقات: 10 / 400 وهذا الكلام جزء من كلامه في هؤلاء الرفقة من الأئمة الاعلام ولا سيما في شيخه الذهبي بحيث قال فيه: " والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله، ولم يكن يستجري أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه " (الطبقات: 2 / 13 14)، قال ذلك وشحن كتابه الطبقات من كتب الذهبي إذ كان معتمده الرئيس!
وكان السبكي أشعريا جلدا بحيث قال فيه عز الدين الكناني " ت 819 ": " هو رجل قليل الأدب، عديم الانصاف جاهل بأهل السنة ورتبهم " (الاعلان للسخاوي: 469 فما بعد، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، الورقة: 47 48 (الظاهرية)، وانظر مناقشتنا لأقواله في الفصل الذي كتبناه عن " النقد " عند الذهبي من كتابنا:
الذهبي ومنهجه، وخاصة: 458 فما بعد).
(80) أعيان العصر: 12 / الورقة: 124.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»