" وكنت فيمن حضر هناك مع شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي رحمه الله وكشفت عن وجه الشيخ، ونظرت إليه وقبلته.. ثم شرعوا في غسل الشيخ، وخرجت إلى مسجد هناك، ولم يدعوا عنده إلا من ساعد في غسله، منهم شيخنا الحافظ المزي، وجماعة من كبار الصالحين الأخيار أهل العلم، والايمان " (85). ولما مات المزي بعد ذلك بأربعة عشر عاما، دفن غربي قبر رفيقه وصديقه ابن تيمية (86) رضي الله عنهما.
وظل الشيخ بعد وفاة ابن تيمية مؤمنا بهذه العقيدة، ولم يفتر عن دوام الايمان بها، فنجده مدافعا منافحا عن عقيدة الاسلام الصحيحة محاربا الخارجين المارقين عنها، فيشاهده الناس في ذي القعدة من سنة (741) وهو في الثامنة والثمانين من العمر يحضر المجلس بدار العدل مع رفيقه في العقيدة الامام الذهبي عند محاكمة عثمان الدكالي، أحد المارقين عن الاسلام، قال ابن كثير: " وتكلما، وحرضا في القضية جدا، وشهدا بزندقة المذكور بالاستفاضة وكذا الشيخ زين الدين أخو الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وخرج القضاة الثلاثة المالكي والحنفي والحنبلي وهو نفذوا حكمه في المجلس، فحضروا قتل المذكور، وكنت مباشرا لجميع ذلك من أوله إلى آخره " (87). ولم يكن الشافعية الأشاعرة، ومنهم قاضيهم تقي الدين السبكي، قد وافقوا على محاكمة هذا الرجل، قال ابن حجر في ترجمة الدكالي هذا: " كان من الخانقاه السميساطية فدعا طائفة إلى مقالات الباجريقي، فشاع أمره، فأمسك، وقامت عليه البينة بالأمور المنكرة فحبس، ثم حضر المزي والذهبي، فشهدا عليه بالاستفاضة بما نسب إليه، فحكم القاضي شرف الدين المالكي بإراقة دمه، ولم يكن ذلك