الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٩٢
وروى عن القاضي أبى العلاء محمد بن علي الواسطي إلى طريف بن عبد الله قال: سمعت ابن أبي شيبة - وذكر أبا حنيفة - فقال: أراه كان يهوديا. قد أجمع الناس على أنه من كفر مسلما فهو كافر، ولا شبهة عند أئمة الأمصار أن أبا حنيفة مسلم، ومن كفر مسلما فقد كفر. لا يعد بقوله، ولقد كان هذا القول بالقدح في ابن أبي شيبة أولى منه في أبي حنيفة لولا حيف الخطيب.
وحدث عن ابن رزق إلى محمد بن المهلب السرخسي عن علي بن جرير. قال:
كنت في الكوفة فقدمت البصرة وبها ابن المبارك، فقال لي كيف تركت الناس؟ قال قلت تركت قوما بالكوفة يزعمون أن أبا حنيفة أعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال قلت اتخذوك في الكفر إماما؟ قال فبكى حتى ابتلت لحيته. هذا كلام غير مفهوم فيجاب عنه، ولو أراد قائله أن يقول ما يسمع الجواب عنه لتكلم بما يفهم، ومع هذا قد تقدم القول عن ابن المبارك وأنه ما زال على مذهب أبي حنيفة إلى أن مات برواية الخطيب عنه.
وروى عن محمد بن علي المقرئ إلى علي بن جرير الأبيوردي قال قدمت على ابن المبارك فقال له رجل: إن رجلين تماريا عندنا في مسألة فقال أحدهما قال أبو حنيفة.
وقال الآخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان أبو حنيفة أعلم بالقضاء. فقال ابن المبارك: أعد على، فأعاد عليه فقال: كفر كقر. قلت بك كفورا. وبك اتخذوا الكفر إماما. قال ولم؟ قلت بروايتك عن أبي حنيفة. قال أستغفر الله من رواياتي عن أبي حنيفة.
أول ما نقول إن هذا القول من ذلك الرجل لا يتعلق بأبي حنيفة، فيكون قدحا فيه، ثم نقول كيف يتصور أن يستغفر الله من رواياته عن أبي حنيفة رجل لم يزل على مذهب أبي حنيفة إلى أن مات.
وحدث عن الحسن بن أبي طالب إلى الحميدي قال سمعت ابن المبارك يقول:
صليت وراء أبي حنيفة صلاة وفى نفسي منها شئ. وقال وسمعت ابن المبارك يقول:
كتبت عن أبي حنيفة أربعمائة حديث إذا رجعت إلى العراق إن شاء الله محوتها.
أما قوله إن في نفسه شيئا من تلك الصلاة فلا يعلم الغيب إلا الله، ما يدرى أي شئ هو الذي كان في نفسه، وأما الأحاديث التي رواها عن أبي كانت من أقوال
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»