الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٩٣
أبو حنيفة فينبغي أن يبينها لنجيب عما أنكره، وإن لم تكن من أقوال أبي حنيفة فليس الطعن في ذلك على أبي حنيفة.
وحدث عن إبراهيم بن محمد بن سليمان المؤدب إلى إبراهيم بن شماس يقول:
كنت مع ابن المبارك بالثغر فقال: إن رجعت من هذه لأخرجن أبو حنيفة من كتبي.
وروى عن العتيقي إلى إبراهيم بن شماس قال: سمعت ابن المبارك يقول: اضربوا على الحديث أبي حنيفة.
وروى عن عبيد الله بن عمر الواعظ إلى الحسن بن الربيع قال: ضرب ابن المبارك على حديث أبي حنيفة قبل أن يموت بأيام يسيرة. قال الخطيب كذا رواه لنا وأظنه عن عبد الله بن أحمد عن أبي بكر الأعين نفسه والله أعلم.
الجواب عن هذه الحكايات الثلاث: إن قول ابن المبارك لا يعتد به في مثل أبي حنيفة لأن أبا حنيفة كان مجتهدا وابن المبارك من كودان المتفقه، ثم قد تقدم القول أن ابن المبارك مات وهو على مذهب أبي حنيفة.
ثم إن الخطيب بحمد الله قد شك في رواة الحكاية الثالثة الذين جعلهم ثبتا.
وروى عن محمد بن أحمد بن يعقوب إلى محمد بن علي بن حسن بن شقيق يقول سمعت أبي يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول: لحديث واحد من حديث الزهري أحب إلى من جميع كلام أبي حنيفة. إن كان الحديث الذي يحدثه الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم فكل المسلمين يقولون هذا ويعتقدونه، بل يعتقدون أن لفظة واحدة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم خير من كل مل تكلم به الخلق، إلا أن يظن أن في المسلمين من لا يعتقد هذا فمكافأته عمن يظن به ذلك على الله، وإن كان الحديث من كلام الزهري فما اعتد أحد بكلام الزهري ولا عمل به، ولا نعرف مذهبا يقال له مذهب الزهري.
وروى عن ابن دوما إلى علي بن إسحاق الترمذي قال: قال ابن المبارك: كان أبو حنيفة يتيما في الحديث. هذا بالمدح أشبه منه بالذم فإن الناس قد قالوا درة يتيمة إذا كانت معدومة المثل، وهذا اللفظ متداول للمدح لا نعلم أحدا قال بخلاف، وقيل يتيم دهره، وفريد عصره وإنما فهم الخطيب قصر عن إدراك ما لا يجهله عوام الناس.
وحدث عن البرقاني إلى عبد الله بن أحمد بن شبويه قال سمعت أبا وهب يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول: كان أبو حنيفة يتيما في الحديث. الجواب عن هذا كالجواب عما تقدمه.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»