الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٨٨
المسلمين من عمرو بن عبيد لأن له أصحابا. إن صح هذا الخبر وكان الأمر على ما ذكر فكلهم له الأصحاب، فأما أصحاب أبي حنيفة فليس فيهم من يقول: إن الله شبح جالس على العرش والعرش لا يسعه. أترى من يقول هذا القول لا يعرف أن من خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق له ما يسعه؟.
وروى عن طلحة بن علي الكتاني إلى الأثرم قال رأيت أبا عبد الله مرارا يعيب أبا حنيفة ومذهبه، ويحكى الشئ من قوله على الإنكار والتعجب. أنا أصدق هذا لأن أصحاب أحمد إلى يومنا هذا لم يفهم أحد منهم (الجامع الكبير)، ولا عرف ما فيه، ومتى وقف عليه فلا شك أنه ينكره فخل عنك باقي كتب أصحاب أبي حنيفة.
وروى عن بشرى بن عبد الله الرومي إلى أبى بكر الأثرم قال أخبرنا أبو عبد الله بباب في العقيقة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث مسندة، وعن أصحابه، وعن التابعين، ثم قال: وقال أبو حنيفة: هو من عمل الجاهلية. ويتبسم كالمتعجب.
أما هذا القول فلا ينكره على أبي حنيفة إلا من لا يعرف أمور الشرع، فإن العقيقة والطهور وغيرهما كان من شريعة إبراهيم ثم استمر ذلك في الجاهلية حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به، وبهذا جاء الكتاب العزيز (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) يعنى التوراة. ونحن نعمل بذلك. وقد جاء شئ من عمل الجاهلية لم يكن مذهبا لإبراهيم عليه السلام وعلم به النبي صلى الله عليه وسلم وهو البدنة.
وروى عن محمد بن عبد الملك القرشي إلى محمد بن يوسف البيكندي يقول: قيل لأحمد بن حنبل قول أبي حنيفة الطلاق قبل النكاح؟ فقال مسكين أبو حنيفة كأنه لم يكن من العراق، كأنه لم يكن من العلم بشئ، قد جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة، وعن نيف وعشرين من التابعين، مثل سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وعطاء وطاووس وعكرمة. كيف يجترئ أن يقول تطلق؟.
هذا خلاف مذهب أبي حنيفة، لأن مذهبه أنه يقول لا طلاق إلا في ملك أو مضافا إلى ملك، أو في علقة من علائق الملك. وجميع أصحاب أبي حنيفة على ما ذكرت. وأما من نقل عن رجل فقها لمن يكن من مذهبه ويقول إنه مذهبه، ما نعلم كل أحد أنه يتقول عليه ومن علم أنه كاذب كيف يصدق قوله في الأخبار عنه أو عن غيره؟.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»