الرد على أبي بكر الخطيب البغدادي - ابن النجار البغدادي - الصفحة ٨٧
وروى عن أحمد بن محمد العتيقي والحسن بن جعفر السلماسي والحسن بن علي الجوهري إلى محمد بن عبد الله بن الحكم قال: قال لي محمد بن إدريس الشافعي:
نظرت في كتب لأصحاب أبي حنيفة فإذا فيها مائة وثلاثون ورقة، فعددت منها ثمانين ورقة خلاف الكتاب والسنة. قال أبو محمد: لأن الأصل كان خطأ فصارت الفروع ماضية على الخطأ.
وقال ابن أبي حاتم حدثني الربيع بن سليمان المرادي قال: سمعت الشافعي يقول:
أبو حنيفة يضع أول المسألة خطأ ثم يقيس الكتاب كله عليها. وقال أيضا حدثنا هارون بن سعيد الإيلي قال: سمعت الشافعي يقول: ما أعلم أحدا وضع الكتب أدل على عوار قوله من أبي حنيفة.
أما أصول أبي حنيفة رضي الله عنه فمعروفة لا يقدر أحد أن يطعن فيها، فإنه إذا بنى أصلا على باب من الأبواب لم يخالفه أبدا. مثال ذلك أن الشك لا يزيل اليقين عند أبي حنيفة رحمه الله، مثاله إذا أكل الرجل في شهر رمضان وهو يرى أنه لم يصبح وكان قد أصبح فعليه القضاء ولا كفارة عليه، ولو أكل وهو يرى أنه قد دخل الليل ثم تبين أنه نهار فعليه القضاء والكفارة، لأنه ممسك بالأصل. ومثاله إن العصير لا يصير خمرا يغلى ويقذف بالزبد ويشتد ويسكر فإذا حمض الخمر أدنى الحمض لا يصير خلا حتى يشتد حمضه فيتخلل بيقين ومثاله رجل توضأ ثم شك في الحدث فهو على وضوئه، ورجل شك في الوضوء يجب عليه الوضوء لأنه على الأصل، هذا في الأصول التي بنى عليها. أما على القول فالشافعي وأصحابه منذ كانوا وإلى هذه السنة التي تكلمنا فيها - وهي سنة إحدى وعشرين وستمائة لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم - لا يقدرون على بيان ما نقل عنه الخطيب. وجوابي للخطيب، وإنما عندي أن الشافعي نقل عنه من حمد أبي حنيفة ما لا ينقل إلا عمن يعرف الفضل ويعرف به.
وروى عن ابن رزق إلى أحمد بن سنان بن أسد القطان قال سمعت الشافعي يقول: ما شبهت رأى أبي حنيفة إلا بخيط السحارة يمد كذا فيجئ أخضر، ويمد كذا فيجئ أصفر. هذا القول لا يحسن أن ينقل عن الشافعي لأنه لا ينقله عنه إلا من يريد الطعن والتشنيع عليه، لأن مثل هذا المثل لا يتمثل به إلا الصبيان.
وحدث عن البرقاني إلى المروذي أبو بكر أحمد بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله - وهو أحمد بن حنبل - عن أبي حنيفة وعمرو بن عبيد. قال: أبو حنيفة أشد على
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»