أن يفتتن فلما أراد أن يتهمها في نفسه ذكر ما طهرها الله واصطفاها [وما] (1) وعد الله أمها أنه معيذها وذريتها من الشيطان الرجيم وما سمع من قول الملائكة " يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك " فذكر الفضائل التي فضلها الله بها وقال إن زكريا قد أحرزها في المحراب فلا يدخل عليها أحد وليس للشيطان عليها سبيل فمن أين هذا فلما رأى من تغير لونها وظهر بطنها فعظم ذلك عليه وبلغ مجهوده وتحير فيه رأيه وعقله وخاف الإثم من التهمة وسوء الظن بها فعرض لها فقال يا مريم هل يكون زرع من غير بذر قالت نعم قال وكيف ذلك قالت إن الله خلق البذر الأول من غير نبات وأنبت الزرع الأول من غير بذر ولعلك تقول لم يقدر أن يخلق الزرع الأول إلا بالبذر ولعلك تقول لولا أنه استعان عليه بالبذر لغلبه حتى لا يقدر على أن يخلقه ولا ينبته قال يوسف أعوذ بالله أن أقول ذلك قد صدقت وقلت بالنور والحكمة كما قدر أن يخلق الزرع الأول وينبته من غير بذر يقدر على أن يخلق زرعا من غير بذر قال لها يوسف أخبريني فهل ينبت الشجر من غير ماء ولا مطر قالت ألم تعلم أن للبذر والزرع والماء والمطر والشجر خالقا واحدا فلعلك تقول لولا الماء والمطر لم يقدر على أن ينبت الشجر (2) قال أعوذ بالله أن أقول ذلك [قال] (3) قد صدقت وتكلمت بالنور والحكمة فأخبريني هل يكون ولد أو حبل من غير ذكر قالت نعم قال فكيف ذلك قالت ألم تعلم أن الله خلق آدم وحواء امرأته من غير حبل ولا أنثى ولا ذكر قال بلى قال لها فأخبريني خبرك قالت بشرني الله " بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم " إلى قوله " ومن الصالحين " فعلم يوسف أن ذلك أمر من الله بسبب خير (4) اراده بمريم فسكت عنها فلم تزل على ذلك حتى ضربها الطلق فنوديت:
أن اخرجي من المحراب فخرجت أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر بن الحسن بن المظفر أنا أبي أبو سعد أنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس أنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله الديبلي (5) نا أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي نا سفيان عن مسعر عن أبي