فلما (1) وجعت كانت في بيت النبوة فاستحيت فهربت حياء من قومها نحو المشرق وخرج قومها في طلبها يسألون عنها فلا يخبرهم عنها أحد فأخذها المخاض فتساندت إلى النخلة وقالت " يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " قال حيضة بعد حيضة " فناداها من تحتها " قال جبريل من أقصى الوادي " ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا " قال جدول (2) " وهزي إليك بجذع النخلة " إلى قوله " فلن (3) أكلم اليوم إنسيا " فلما قال لها جبريل اشتد ظهرها وطابت نفسها قطعت سرره ولفته في خرقة وحملته قال فلقي قومها راعي بقر وهم في طلبها قالوا يا راعي هل رأيت كذا وكذا قال لا ولكن رأيت البارحة من بقري شيئا لم أره منها قط فيما خلا قالوا فما رأيت منها قال رأيتها باتت سجدا نحو هذا الوادي فانطلقوا حيث وصف لهم فلما رأتهم مريم جلست ترضع عيسى فجاءوا حتى قاموا عليها وقالوا لها " يا مريم لقد جئت شيئا فريا " قال أمرا عظيما " يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا " قال أبو عمران قال نوف " فأشارت إليه " أن كلموه فتعجبوا منها قالوا " كيف نكلم من كان في المهد صبيا " قال نوف المهد حجرها فلما قالوا ذلك ترك عيسى ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم قال " إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا " إلى قوله " أبعث حيا " قال فاختلف الناس فيه أخبرنا أبو محمد السلمي نا أبو بكر الخطيب أنا أبو الحسن بن رزقويه (4) أنا أحمد ابن سندي أنا الحسن بن علي نا إسماعيل بن عيسى أنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر أنا جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس في قوله " وبرا بوالديه " (5) قال كان لا يعصيها " ولم يكن جبارا " قال ابن عباس:
ولم يكن قتال النفس التي حرم الله قتلها " عصيا " يعني لم يكن عاصيا لربه " وسلام عليه " [يعني سلام الله عليه] (6) يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا قال ابن عباس لما وهب الله