وذلك لثلاث ليال بقين من المحرم فقام زكريا فاغتسل ثم ابتهل إلى الله في الدعاء قال يا رازق مريم ثمار الصيف في الشتاء وثمار الشتاء في الصيف " هب لي من لدنك " يعني من عندك " ذرية طيبة " (1) يعني تقيأ فأخبر الله نبيه (صلى الله عليه وسلم) بقصة عبده زكريا ودعائه ربه وإجابة الله له وتحننه عليه ولطفه به فقال جل وعز " كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا " (2).
كهي قال ابن عباس خمسة أحرف وخمسة أسماء مقطعة يعني بكاف كافيا لخلقه هاء يعني هاديا لأوليائه يا يعني يمينا يحلف به عباده عين يعني عالما بأعمال خلقه صاد يعني صادقا وعده أخبرنا أبو غالب محمد بن إبراهيم بن محمد أنا المظفر بن حمزة بن محمد أنا عبد الله بن يوسف بن بامويه أنا أحمد بن محمد بن زياد ابن الأعرابي نا عباس الدوري نا زيد ابن الحباب نا جعفر بن سليمان نا أبو عمران عن نوف البكائي وهو رجل من أهل الشام في قول الله عز وجل " فكفلها زكريا " كان يزورها وكانت فتاة (3) تنزل في بيت قومها فكانت تقدم إليها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء فقال " أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " فهنالك دعا زكريا ربه أن يهب له غلاما فوهب له يحيى ولم يسم يحيى قبله قال " أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا " حتى بلغ " رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا " فحبس على لسانه وكان صحيحا " فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا " (4) وجاءها جبريل في منزلها حتى هتك الحجاب عنها فلما رأته " قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا " فلما قالت لرحمن نقبض جبريل فقال " إنما أنا رسول ربك ليهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا " (5) فنفخ ما بين جيبها ودرعها (6) فمكثت ما يمكث النساء فخرجت هاربة من أهلها وقومها نحو المشرق وخرجوا في طلبها فجعلوا لا يلقون أحدا إلا قالوا هل رأيت فتاة من