لزكريا يحيى بلغ ثلاث سنين بشر الله مريم بعيسى فبينا هي في المحراب قالت الملائكة وهو جبريل وحده " يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك " من الفاحشة " واصطفاك " يعني واختارك " على نساء العالمين " عالم أمتها " يا مريم اقنتي لربك " يعني صلي لربك يقول: اذكري لربك في الصلاة بطول (1) القيام فكانت تقوم حتى ورمت قدماها " واسجدي واركعي مع الراكعين " يعني مع المصلين مع قراء بيت المقدس يقول الله لنبيه (صلى الله عليه وسلم) " ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك " يعني بالخبر الغيب في قصة زكريا ويحيى ومريم " وما كنت لديهم " يعني عندهم " إذ يلقون أقلامهم " في كفالة مريم ثم قال يا محمد تخبر (2) بقصة عيسى " إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا " يعني مكينا عند الله في الدنيا " ومن المقربين " في الآخرة " ويكلم الناس في المهد " يعني في الخرق في محرابه " وكهلا " ويكلمهم كهلا إذا اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء " ومن الصالحين " (3) يعني من المرسلين وأنا إسحاق أنا إدريس عن جده وهب أنه قال:
لما استقر حمل مريم وبشرها جبريل فوثقت كرامة الله واطمأنت وطابت نفسا واشتد أزرها وكان معها في المحررين ابن خال (4) لها يقال له يوسف وكان يخدمها من وراء الحجاب ويكلمها ويناولها الشئ من وراء الحجاب وكان أول من اطلع على حملها هو واهتم لذلك وأحزنه وخاف منه البلية التي لا قبل له بها ولم يشعر من أين أتيت مريم وشغله عن النظر في أمر نفسه وعمله لأنه كان رجلا متعبدا حكيما وكان من قبل أن تضرب مريم الحجاب على نفسها تكون معه ونشأ معها وكانت مريم إذا نفذ (5) ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما (6) ثم انطلقا إلى المغارة التي فيها الماء فيملأن قلتيهما ثم يرجعان إلى الكنيسة والملائكة مقبلة على مريم بالبشارة " يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك " فكان يعجب يوسف مما يسمع فلما استبان ليوسف حمل مريم وقع في نفسه من أمرها حتى كاد