والثغور فرابط فيها نحوا (1) من خمسة (2) وأربعين سنة فحدثنا بهذا الحديث في شعبان سنة سبع وتسعين ومائة قال لما عظمت الفتنة بساحل دمشق وكثر البلاء تنحيت عن موضعي الذي كنت فيه وخرجت بأعنز لي حتى صرت إلى ذروة لبنان مما أقبل على الساحل في موضع يقال له هرميسا (2) لأهل قرية يقال لها أمليخ (3) من كورة صيدا قال أبو سفيان وقد كان بلغني في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال من فر بدينه شبرا فقد وجبت له الجنة ومن قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة كان معي ومع عيسى في الجنة هكذا وبسط رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كفه فإذا كان يوم القيامة نادى منادي (4) أين الفرارون بدينهم اتبعوا عيسى بن مريم فإنه كان يفر بدينه من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة [10500] قال أبو سفيان وحدثني مقاتل بن سليمان عن امرأة من الأنصار عن أبيها عن جدها وهو سعد بن خيثمة والضحاك بن مزاحم عن عبد الله بن عباس عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حين ذكر الشيخ الأعراج فقام أبو بكر فقال بأبي أنت وأمي أرأيت إذا وقع الشيخ الأعرج وأنا فيه فما المخرج قال إن كانت لك أرض فالحق بأرضك وإن كانت لك إبل فالحق بإبلك وإن كانت لك غنم فالحق بغنمك قال بأبي أنت وأمي إن لم يكن لي أرض ولا إبل ولا غنم فكيف أصنع قال تكسر سيفك وتجلس في ظل بيتك وتبكي على خطيئتك وتكف لسانك ويدك [10501] قال أبو سفيان فخرجت لذلك والله أعلم بما في القلوب إلى الموضع الذي ذكرته من لبنان بأعنز لي أرعاها فمكثت (5) في لبنان أياما ما شاء الله من ذلك فبينا أنا في بعض تلك الشعاري وذلك في أكثر من النصف من شعبان إذ خرجت عند صلاة الضحى ومعي غلام أجير في المعزى فتركته مع المعزى ودخلت في بعض تلك الشعاري مهتما أمشي لبعض ما أردت إذا أنا برجل قائم يصلي الضحى أبيض الوجه أعين أشيب في لحيته نضح من سواد عليه ثياب بيض فلما نظرت إليه قلت هذا رجل قد خرج لمثل الذي قد خرجت له فأحببت التعرف به وأن أسأله من أين هو ومن هو فلم أزل واقفا أرمقه حتى سلم عن يمينه
(٨٦)