تقول شيئا ولا يستقيم رأينا على شئ إلا كتبناه مخافة أن يوهم أو يقول رجل شيئا ثم يقول لم أقل هذا قال نعم فدعا عمرو غلاما له كاتبا وقد أوصاه إذا كتبت فابدأ بي قبل أبي موسى ففعل الغلام فنظر عمرو في الصحيفة فقال ألا أراك تبدأ بي قبل أبي موسى هو أفضل مني وأحق بذلك مني ابدأ به ففعل فقال يا أبا موسى إن صلاح هذه الأمة وحقن دمائها خير مما وقع فيه علي ومعاوية من الدماء وانتهاك المحارم فإن في هذه الأمة صلاحا وخيرا فإن رأيت أن نخرجهما من هذا الأمر ونستخلف على هذه الأمة رجلا فعلنا (1) قال ما أرى بذلك بأسا قال فتراه قال نعم قال اكتب يا غلام ثم قال يا أبا موسى إن أمرنا هذا ينبغي أن لا تتكلم فيه ولا ننظر فيه إلا على بساط وحمام فإن شئت طوينا الكتاب فوضعنا خاتمك وخاتمي عليه ثم أصبحنا فجلسنا ففعلا ووضعا الكتاب موضعا وقد فرغ عمرو في نفسه ظفر قراره بقتل عثمان مظلوما وإخراجه عليا فلما كان الغد جلسا (2) فقال عمرو سم يا أبا موسى من شئت حتى أنظر معك قال الحسن بن علي قال يغفر الله لك أترى الحسن (3) بلغ من قلة رأيه أن يخرج أباه من هذا الأمر ويجلس مكانه ما كان ليفعل سم غيره قال فإني أسمي عبد الله بن عمر قال نعم الرجل ولكنه لا يطيق الخلافة ولا يقوى عليها وهو أورع من ذاك وأضيق قال فإني أسمي عبد الرحمن بن الأسود بن يغوث قال إنا لله والله ما كان ذاك ليقوى على قربه قال والله ما أدري قد سميت من أعلم فسم أنت حتى أنظر قال أفعل قال أسمي لك أقوى هذه الأمة عليها أسداه رأيا وأعلمه بالسياسة معاوية بن أبي سفيان قال لا والله ما هو لذاك بأهل قال فأتيك بآخر ليس بدون معاوية قال ومن هو قال أبو عبد الله عمرو (4) بن العاص قال فلما قالها عرف أبو موسى أنه يلعب به قال أفعلتها فعل الله بك إنما مثلك كمثل الكلب أن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث قال بل أنت يفعل الله بك إنما مثلك مثل الحمار يحمل أسفارا فقاما فخرجا وانطلق أبو موسى فلحق بمكة وانصرف أهل المدينة والناس غير أهل الشام قال عمرو وهذا الكتاب بيني وبينه عليه خاتمه وخاتمي قد أقر بأن عثمان قتل
(٢٩٣)