قلت لأبي الحارث الأولاسي أنا أعرفك أمير الحرب بنصيبين فأيش الذي أخرجك إلى الله فقال غدوت (1) في آخر الليل إلى الحمام وكان على باب داري فإذا أنا بأنين في القامين (2) فعدلت فإذا برجل عليل مطروح في الزبل (3) عريان فقلت له لك حاجة فقال لي أريد يزال ما علي من وسخ وثوب (4) نظيف ورائحة طيبة وطعام (5) طيب فقلت هات يدك فأدخلته معي الحمام فنظفته وتقلدت أنا خدمته وأخرجته إلى ثوب من ثيابي وأحضرت طعاما طيبا وطيبته وقلت لك من حاجة فقال لي جبرك الله ومات فكفنته ودفنته فلما كان العصر خرجت إلى الله في عباءة أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز المكي أنبأنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم بن الحكاك أنبأنا الحسين (6) بن علي بن محمد الشيرازي أنبأنا علي بن عبد الله بن الحسن الهمذاني (7) حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير (8) بن القاسم أخبرني محمد ابن أيوب عن أبي الحارث الأولاسي قال رأيت في منامي كأني واقف بين يدي الله عز وجل فقال لي يا عبدي سل حاجتك فقلت يا رب تعلم حاجتي فقال أنا أعلم وكيف لا أعلم وأنا كونتها وكنيتها (9) في صدرك ولكن أحب أن أسأل والمسارعة في اتباع محبتي منك أولى بك من التعلق بمحبتك أسرع وأسبق منك إلي أن بدأت بتركيبها في قلبك من قبل أن تعقلها (10) وأطلقت لسانك بمسألتها عندي أجمع بين مرادي من الأمور كلها وبين مرادك مني فإن يكن مخالفا لمرادي فإنك لن تزال في دهرك منقطعا عني فابتغ عندي محابي من الأمور وإن حالف منك
(٢٦)