تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٢ - الصفحة ٥١٢
زكريا الغلابي نا العباس بن بكار نا أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال لما قدم علي من صفين قام إليه شيخ من أصحابه فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن مسيرنا إلى أهل الشام بقضاء وقدر فقال علي والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما قطعنا واديا ولا علونا تلعة إلا بقضاء وقدر فقال الشيخ عند الله احتسب عنائي فقال علي ولم بل عظم الله أجركم في مسيركم وأنتم مصعدون وفي منحدركم وأنتم منحدرون وما كنتم في شئ من أموركم مكرهين ولا إليها مضطرين فقال الشيخ كيف يا أمير المؤمنين والقضاء والقدر ساقنا إليها قال ويحك لعلك ظننته قضاء لازما وقدرا حاتما لو كان ذلك لسقط الوعد والوعيد ولبطل الثواب والعقاب ولا أتت لائمة من الله لمذنب ولا محمدة من الله لمحسن ولا كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المذنب ذلك مقال إخوان عبدة الأوثان وجنود الشيطان وخصما الرحمن وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها ولكن الله تعالى أمر بالخير تخييرا ونهى عن الشر تحذيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يملك تفويضا ولا خلق السماوات والأرض وما أرى فيهما من عجائب آياتهما (1) باطلا " ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار " (2) قال الشيخ يا أمير المؤمنين فما كان القضاء والقدر الذي كان فيه مسيرنا ومنصرفنا قال ذلك أمر الله وحكمته ثم قرأ علي " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " (3) فقام الشيخ تلقاء وجهه ثم قال * أنت الإمام الذي نرجو بطاعته * يوم النشور من الرحمن رضوانا أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا * جزاك ربك عنا فيه احسانا * أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش أنا محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون أنا أبو الحسن علي بن عمر نا محمد بن مخلد نا إبراهيم بن مهدي الأيلي نا أحمد بن الأحجم بن البختري المروزي نا محمد بن الجراح قاضي سجستان نا شريك عن أبي إسحاق عن الحارث قال جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر قال

(1) الأصل: (اما بهما) والتصويب عن الجليس الصالح.
(2) سورة ص الآية: 27.
(3) سورة الإسراء الآية: 23.
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»