تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٢ - الصفحة ٥١٦
كتب علي بن أبي طالب عهدا لبعض أصحابه على بلد (1) فيه أما بعد فلا تطولن حجابك على (2) رعيتك فإن احتجاب الولاة على الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالأمور والاحتجاب يقطع عنهم علم لما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح أيشاب الحق بالباطل وإنما (3) الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور وليست على القول (4) سمات يعرف بها ضروب الصدق من الكذب فتحصن من الادخال في الحقوق بلين الحجاب فإنما أنت أحد رجلين إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من حق واجب أن تعطيه أو خلق (5) كريم تسديه به وإما مبتلى بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا يئسوا عن ذلك (6) مع أن أكثر حاجات الناس إليك ما لا مؤنة فيه عليك من شكاة مظلمة أو طلب إنصاف (7) فانتفع بما وصفت لك واقتصر على حظلك ورشدك إن شاء الله قال وأنا أحمد بن مروان نا أبو بكر بن أبي الدنيا نا محمد بن الحارث عن المدائني قال قال علي بن أبي طالب لا تؤاخ الفاجر فإنه يزين لك فعله ويحبب أن لك مثله ويزين لك أسوأ خصاله ومدخله عليك ومخرجه من عندك شين وعار ولا الأحمق فإنه يجهد نفسه لك ولا ينفعك وربما أراد أن ينفعك فيضرك فسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه وموته خير من حياته ولا الكذاب فإنه لا ينفعك معه عيش ينقل حديثك وينقل الحديث إليك وإن تحدث بالصدق فما يصدق قال أنا أحمد أنا أحمد بن عبدان أنا مصعب عن أبيه عن جده قال قال علي عليه السلام الكريم يلين إذا استعطف واللئيم يقسو إذا ألطف أخبرتنا فاطمة بنت عبد القادر بن أحمد بن السماك قالت أنا أحمد بن محمد بن أحمد بن قفرجل انا جدي محمد بن عبيد الله بن الفضل بن قفرجل نا محمد بن

(1) نهج البلاغة: الكتاب 53 الذي وجهه إلى الأشتر النخعي لما ولاه على مصر وأعمالها.
(2) نهج البلاغة: احتجابك عن رعيتك.
(3) الأصل: وأما والمثبت عن نهج البلاغة.
(4) نهج البلاغة: على الحق.
(5) نهج البلاغة: أو فعل كريم تسديه.
(6) في نهج البلاغة: إذا أيسوا من بذلك (7) في نهج البلاغة: أو طلب إنصاف.
(٥١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 ... » »»