تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٢ - الصفحة ٤٩٧
حدثني من سمع علي بن أبي طالب يخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال عباد الله الموت ليس منه فوت إن أقمتم له أخذكم وإن فررتم منه أدرككم وفي حديث إسماعيل (1) وإن فررتم أدرككم الموت معقود بنواصيكم فالنجا النجا والوحا الوحا وراءكم وقال إسماعيل فإن وراءكم طالب حثيث القبر احذروا ضنكه وظلمته وضيقته ألا إن القبر حفرة من حفر جهنم أو روضة من رياض الجنة ألا وإنه يتكلم في كل يوم ثلاث مرات فيقول أنا بيت الوحشة أنا بيت الظلمة أنا بيت الدود ألا وإن وراء ذلك اليوم أشد من ذلك اليوم نار حرها شديد وقعرها عميق وحلها (2) حديد ليس لله فيها رحمة فبكى المسلمون حوله بكاء شديدا فقال وإن وراء وقال إسماعيل وإن من وراء ذلك جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين أجارنا الله وإياكم من العذاب الأليم أخبرنا أبو القاسم العلوي أنا رشأ بن نظيف أنا الحسن بن إسماعيل أنا أحمد بن مروان أنا أحمد بن يوسف التغلبي نا ابن نمير عن وكيع (3) عن عمر (4) بن منبه عن أوفى بن دلهم عن علي بن أبي طالب أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع وإن المضمار اليوم وغدا السباق ألا وإنكم في أيام أمل من ورائه من أجل (5) فمن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خيب عمله ألا فاعملوا لله في الرغبة كما تعملون له في الرهبة ألا وأني لم أر كالجنة نام طالبها ولم أر كالنار نام هاربها ألا وأنه من لم ينفعه الحق ضره الباطل ومن لم يستقم به الهدى حار (6) به الضلال ألا وانكم قد أمرتم بالظعن ودللتم على الزاد ألا أيها الناس إنما الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر وأن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر ألا إن الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم

(١) يعني أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل.
(٢) كذا رسمها بالأصل بدون إعجام وفوقها ضبة وفي المطبوعة: وحبلها حديد.
(٣) من طريقه رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ٧ - ٨.
(٤) كذا بالأصل والمطبوعة وفي ابن كثير: عمرو بن منبه.
(٥) بعدها في نهج البلاغة بشرح محمد عبده ص ١٢٥: فمن عمل في أيام أمله قبل حضور أجله نفعه عمله ولم يضرره أجله.
(٦) كذا بالأصل والمطبوعة وفي البداية والنهاية: حاد به.
(٤٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 ... » »»