شديدا ثم قالت ذلك والله ولدي ومن نزل عن كبدي وا حسرتاه على ما فرطت فيك يا حبيب قلبي ثم قالت يا جارية ائتني بكيس مختوم فجاءت بكيس مختوم فقالت خذه وانطلق إلى السوق واشتر بها فيه الثياب والخبز والماء فاكس العاري وأشبع الجائع وارو الظمآن ثم قالت اللهم إن هذه صدقة عن ولدي اللهم فارض عنه قال لها زوجها أحسنت وأصبت ووصلت رحمك الله ما كنا بالذي نتركك إلى أن تسبقينا إلى الخير يا غلام ائتني بكيس مختوم فأتاه بكيس فقال خذه وأضفه إلى الآخر اللهم إن هذه صدقة عن ابن العجوز اللهم فارض عنه وعن والديه وما ولدا وعن جميع المسلمين قال صالح فأخذت كيسا بيدي اليمنى وكيسا بيدي اليسرى فانطلقت فأشبعت الجائع وكسوت العاري وأرويت الظمأن حتى أنفذتها فهممت أن أقوم فسقط مني رغيف قال فقلت والله لا أبرح حتى أنفذه فإن قليل الأمانة وكثيرها عند الله تعالى سواء قال فبينا أنا كذلك إذ خرج من بعض دروب البصرة شيخ كبير منحني (1) ما يرفع رأسه من الكبر يحرك شفتيه بالتسبيح والتحميد قال فلما دنا (2) مني وأنا أنظر إليه وهو لا ينظر إلي وهو يقول يا سيدي ومولاي قد خدمتك منذ ثلاثة أيام قال فلما دنا قلت يا شيخ قال لي سعديك قال قلت ما أرى عن يمينك أحدا ولا عن شمالك أحدا ولا أمامك أحدا ولا خلفك أحدا فلمن تناجي قال يا أخي أناجي سيد السادات ومالك الملوك ومولى الموالي (3) قد عودني في كل ثلاثة أيام قرصا أفطر عليه وهذا حاجتي إليه قال قلت إن الله عز وجل قد أجاب دعوتك يا شيخ قال فأخذت الرغيف فدفعته إليه فقال رضي الله عنك وعن من تصدق به وعن جميع المسلمين قال صالح ومضيت في الليلة الرابعة لأحرس قبر ابنة القاضي فلما قرأت جزئي وصليت وردي اضطجعت ثم نمت فلما ذهب النوم أطيب ما كنت فإذا أنا بابن العجوز قد أقبل علي أحسن الناس وجها وأطيب رائحة فقال نور الله قبرك وجزاك عني أفضل الجزاء كما أديت الرسالة والأمانة إن الله عز وجل قد نور قلبي وأدخل قبري السرور والرحمة بدعاء والدتي ودعاء الفقراء لي إن الصدقة شئ عجيب تطفئ غضب الرب فإذا أصبحت سالما فائت والدتي فأقرئها السلام وأعلمها أن الصدقة قد وصلت وقل لها لا
(٤٤٠)