ولا لحفر قبر ولا لغسل ميت شيئا أبدا فقال لي يا سبحان الله ترزق رزقا حلالا وترده قال قلت نعم أيها القاضي أني أريد أن أشير عليك بشئ يسعدك الله تعالى به ويدخل على ابنتك في قبرها السرور والرحمة فقال تكلم قال قلت إن الميت لا ينتفع أن يكفن بألف دينار فإنه يبلى في التراب والصديد والدود ولكن تكفن بمائة دينار وتضيف تسع مائة إلى الألفين فتشتري بها الثياب والخبز والماء فتكسو العاري وتشبع الجائع وتروي الظمآن فإني أرجو أن يعتق الله ابنتك من النار ويدخل عليها في قبرها السرور والرحمة فقال لي وفقت وأشرت بخير قال فكفنها بمائة وتصدق عليها (1) بالباقي قال صالح فحرست قبرها ثلاث ليال أصلي عند قبرها ألف ركعة قال فلما أن كان من الليلة الرابعة وقد طلع الفجر وأصبت في رأسي نعسة وأذن المؤذن لطول شهر ثلاث ليال فأخذت لبنة فوضعتها تحت رأسي ثم نمت فوالله ما هو إلا أن ذهب بي النوم فإذا ابنة القاضي قائمة بين يدي عليها ثياب أهل الجنة وحلي أهل الجنة قال قلت يا هذه من أنت التي قد ألبسك الله البهاء والنور قالت صاحبة القبر بنت القاضي جئت أشكرك نور الله قبرك وجزاك عني أفضل الجزاء كما أشرت بالخير في الصدقة عني إن الله تبارك وتعالى قد نور قبري وأدخل قبري السرور والرحمة قم حتى أريك ما أعد الله تعالى لمن مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله قال فنهضت معها وفي يدها مصباح من بلور والقبر روضة خضراء كأحسن ما يكون وإن القبور قد أقبل أهلها وقد جلس كل ميت على شفير قبره قد ألبسهم الله تعالى البهاء والنور قالت هؤلاء الذين ماتوا وهم يشهدون أن لا إله إلا الله ادن منهم وكلمهم فإنهم يكلمونك قال قلت يا سبحان الله (2) موتى يكلمون الأحياء قالت وأنا ميتة وقد أذن الله تعالى لي وكلمتك قال فلما أن دنوت منهم قالوا بأجمعهم جزاك الله خيرا من مؤنس إنا نسمع قراءتك (3) ودعاءك لا نقدر نجيبك وأنتم يا معشر الأحياء تعملون الخيرات ولا تدرون ما لكم عند الله عز وجل من الدرجات فإذا أصبحت فائت المسجد الجامع فأقرئ (4) أهالينا
(٤٣٧)