السلام وقل لهم إن موتاكم يقرؤون عليكم السلام ويقولون لكم جزاكم الله عنا خيرا وأفضل الجزاء فإن هداياكم تأتينا بكرة وعشيا قال فألهمني الله ان قلت وما الهدايا قالوا الدعاء والصدقة إن الصدقة شئ عظيم تطفئ غضب الرب ودعاء الأحياء يدعون لنا الله عز وجل فيستجيب الله لهم فينا فيدخل علينا في قبورنا السرور والرحمة قال بينما أنا فرح بما قد ألبسهم الله من البهاء والنور إذ نظرت إلى رجل مشوه الوجه رث الكفن في عنقه سلسلة من نار ورجل بيده سوط من نار يضرب حر وجهه وظهره وبطنه وهو يصيح يا ويلاه من نار لا تطفأ (1) وعذاب لا يبلى قال فتقطع والله قلبي له رحمة قال قلت له يا هذا أيش حالك من بين أصحابك هؤلاء الذين قد ألبسهم الله تعالى البهاء والنور قال جرمي عظيم قال قلت فأيش جرمك قال كان لي مال عظيم وكنت لا أزكي فيه فنالني هذا بعقوق والدي في دار الدنيا قال قلت عقت والدك في دار الدنيا قال مات أبي وخلف مالا عظيما ولم يكن بالبصرة امرأة هي أجمل من والدتي ولا أكثر مالا فرغبوا (2) ملوك البصرة فيها فخطبها بعض الملوك فأجابته فبلغني ذلك فداخلتني (3) الغيرة قال فجئت فقلت يا أمة بلغني أنك تريدين التزويج قالت لي التزويج حلال فرفعت يدي فلطمت حر وجهها فخرت مغشيا عليها فسال من وجهها الدم فلما أفاقت من غشيتها رفعت يدها ورأسها إلى السماء فقال يا بني لا أقالك الله عثرتك ولا آنس في القبر وحشتك قال فلما أن مت صرت في قبري إلى نار لا تطفأ (1) وعذاب لا يبلى وكذلك القبر من اليوم إلى يوم القيامة فإذا أصبحت سالما فائت والدتي وأقرئها السلام وأعلمها بما رأيت من سوء حال لعلها ترحمني قال قلت والله لأفعلن قال " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " (4) ثم انتبهت فإذا رائحة المسك في مسجدي وكأنه أضواء المصباح في مسجدي وبين عيني قال قلت هذا رؤيا من الله تعالى والله لآتين المسجد الجامع فلأؤدين الرسالة ولآتين أم المسكين فأخبرها بما رأيت من سوء حاله قال فنهضت فأسبغت الوضوء وخرجت إلى المسجد فصليت الصلاة مع الإمام فلما أن سلم قمت فقلت السلام عليكم يا أهل المسجد ورحمة الله وبركاته قالوا لي
(٤٣٨)