الأنصار قد شهدا بدرا عويمر بن ساعدة والآخر معن بن عدي فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلنا نريد إخواننا من هؤلاء الأنصار فقالا فارجعوا فأفضوا أمركم بينكم فقلت والله لنأتينهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة وإذا بين أظهرهم رجل مزمل قلت من هذا فقالوا سعد بن عبادة فقلت ما له قالوا مريض فلما جلسنا قام خطيب الأنصار فحمد الله وأثنى عليه قال (1) أما بعد فنحن الأنصار وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين حي منا وقد دفت (2) دافة من قومكم قال عمر فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصله ويحصنونا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم قال وكنت قد زورت في نفسي مقالة أريد أن أقوم بها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحدة وهو كان إذ قربني وأحلم فذهبت لأتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فحمد الله وأثنى عليه فوالله ما ترك شيئا مما كنت زورت في نفسي إلا أجاء بها أو خير منها قال أما بعد فما ذكرت فيكم من خير فأنتم أهله وإن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب دارا ونسبا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح فوالله ما كرهت من مقالته شيئا غيرها وكنت لأن أقدم فيضرب عنقي لا يعريني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبا بكر فقام الحباب بن المنذر السلمي فقال أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش إن شئتم أعدنا الحرب جذعة فارتفعت الأصوات وكثر اللغط حتى خشيت الاختلاف فقلت يا أبا بكر ابسط يدك فبسطها فبايعته وبايعه أبا عبيدة بن الجراح وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار ونزونا على سعد فقال قائل الأنصار قتلتم سعدا فقلت قتل (3) الله سعدا إنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمرنا أقوى من مبايعة أبي بكر خفنا إن فارقنا القوم أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما بايعناهم على ما نكره أو نخالفهم فيكون فسادا ولا نعرف امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة إلا أنها كانت فلتة ولكن الله وقال شرها أو ليس فيكم من نقطع له الأعناق مثل أبي بكر
(٢٨٥)