تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣٠ - الصفحة ٢٨٢
واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فبينا نحن في منزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا رجل ينادي من وراء الجدار اخرج إلي يا ابن الخطاب فقلت إليك عني فأنا عنك مشاغيل فقال إنه قد حدث أمر لا بد منك فيه إن الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فأدركوهم قبل أن يحدثوا أمرا يكون بيننا وبينهم فيه حرب فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا من هؤلاء الأنصار فانطلقنا نؤمهم فلقيت أبا عبيدة بن الجراح فأخذ أبو بكر بيده فمشى بيني وبينه حتى إذا دنونا منهم لقينا رجلان صالحان فذكرا الذي صنع القوم فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلت نريد إخواننا من هؤلاء الأنصار فقال لا عليكم أن تقربوهم يا معشر المهاجرين أفضوا أمركم فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم فإذا هم جمع (1) في سقيفة بني ساعدة وإذا بين أظهرهم رجل مزمل (2) قلت من هذا قالوا سعد بن عبادة قلت ما له قالوا هو وجع فلما جلس تكلم خطيب الأنصار فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة (3) من قومكم قال عمر فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ويحصنونا (4) من الأمر فلما قضى مقالته أردت أن أتكلم قال وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقوم بها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحدة (5) فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر وهو كان أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا تكلم بمثلها أو أفضل في بديهته حتى سكت فتشهد أبو بكر وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الأنصار فما ذكرتم فيكم من خير فأنتم أهله ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم هذين

(١) في م: جميع.
(٢) هو سعد بن عبادة، ومزمل أي مغطى مدثر (النهاية: زمل).
(٣) بالأصل اللفظتان مهملتان بدون نقط، وفي م: دبت الدابة.
والصواب ما أثبت عن النهاية لابن الأثير، وفيها: الدافة: قوم من الأعراب يردون المصر، ودفت علينا: يعني أنهم قدموا علينا المدينة.
(4) أي يمنعونا، والإحصان: المنع.
(5) عن م وبالأصل: الجدة.
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»