وأقبلوا على الإذاعة والضعة حتى لامه أهل الكوفة في أمرهم فقال هذا أميركم وقد نهاني أن أحرك شيئا فمن أراد منكم أن يحركه فليحركه فكتب أشراف أهل الكوفة وصلحاؤهم إلى عثمان في إخراجهم فكتب إذا اجتمع ملاؤكم على ذلك فالحقوهم بمعاوية فأخرجوهم فذلوا وانقادوا حتى أتوه وهم بضعة عشر وكتبوا إلى عثمان بذلك فكتب إلى معاوية إن أهل الكوفة قد أخرجوا إليك نفرا خلقوا للفتنة فرعهم وقم عليهم فإن آنست منهم رشدا فأقبل منهم فإن أعيوك فارددهم عليه فلما قدموا على معاوية رحب بهم وأنزلهم كنيسة تسمى بمريم وأجرى عليهم ما كان بأمر عثمان يجري عليهم بالعراق وجعل لا يزال يتغدى ويتعشى معهم فقالوا لهم يوما إنكم قوم من العرب ولكم أسنان وألسنة وقد أدركتكم (1) بالإسلام شرفا وغلبتم الأمم وحويتم مواريثهم (2)، وقد بلغني أنكم نقمتم قريشا لو لم تكن عدتم أذلة كما كنتم إن أئمتكم لكم إلى اليوم جنة ولا تتقيدوا (3) عن جنتكم وإن أئمتكم اليوم يصبرون لكم على الجور ويحتملون منكم المؤنة والله لتنتهين أو ليبتلينكم الله عز وجل بمن يسومكم ثم لا يحمدكم على الصبر ثم تكونوا شركاءهم فيما جررتم على الرعية في حياتكم وبعد موتكم فقال رجل من القوم أما ما ذكرت من قريش فإنها لم تكن أكثر العرب ولا أمنعه في الجاهلية فتخوفنا بها وأما ما ذكرت من الجنة فإن الجنة إذا احترقت خلص إلينا فقال معاوية قد عرفتم الآن علمت أن الذي أعداكم على هذا قلة المعقول وأنت خطيب القوم ولا أرى لك عقلا أعظم عليك أمر الإسلام وأذكرك به وتذكرني في الجاهلية وقد وعظتك وتزعم أن ما يجنك ولا تنسب ما تحترق إلى الجنة أنه يحترق أخزى الله قوما أعظموا أمركم (4) ودفعوه إلى خليفتكم افقهوا ولا أظنكم تفقهون إن قريشا لم تعز في جاهلية ولا إسلام إلا بالله لم تكن بأكثر العرب ولا أشدهم ولكنهم كانوا أكرمهم أحسابا وأمحضهم أنسابا وأعظمهم أخطارا وأكملهم مروءة ولم
(٩٥)