فسأل موسى ربه ولم يسأل الناس ففطنت الجاريتان ولم يفطن الرعاء فأتيا أباهما وهو شعيب فأخبرتاه فقال شعيب ينبغي أن يكون هذا جائعا ثم قال لإحداهما اذهبي ادعيه لي فلما اتته أعظمته وغطت وجهها وقالت " إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا " فلما قالت " أجر ما سقيت لنا " كره ذلك موسى وأراد أن لا يتبعها ولم يجد بدا من أن يتبعها لأنه كان في أرض مسبعة وخوف فخرج معها وكانت امرأة ذات عجز وكان الرياح تضرب ثوبها فتصف لموسى عجزها فيغضى مرة ويعرض أخرى حتى عيل صبره فقال يا أمة الله كوني خلفي وأريني السمت يريد الطريق فأتيا إلى شعيب والعشاء مهيأ فقال اجلس يا شاب فكل فقال موسى لا قال شعيب لم ألست بجائع قال بلى ولكني من أهل بيت لا نبيع شيئا من عمل الآخرة بملء ء الأرض ذهبا وأخشى أن يكون هذا أجرا لما سقيت لهما قال شعيب لا يا شاب ولكنها عادتي وعادة آبائي إقراء الضيف وإطعام الطعام قال فجلس موسى بن عمران فأكل فإن كانت هذه المائة دينار عوضا مما حدثتك فالميتة والدم ولحم الخنزير عند الاضطرار أحل منه وإن كانت من بيت مال المسلمين فلي فيه شركاء ونظراء إن واسيتهم (1) بي وإلا فلا حاجة لي بها إن بني إسرائيل لم يزالوا على الهدى (2) والتقى حيث كان أمراؤهم يأتون إلى علمائهم رغبة في علمهم فلما أنكسوا وانتكسوا وسقطوا من عين الله تعالى وآمنوا بالجبت والطاغوت فكان علماؤهم يأتون إلى أمرائهم فشاركوهم في دنياهم وشركوا معهم في فتكهم فقال ابن شهاب يا أبا حازم لعلك إياي تعني أو بي تعرض فقال ما إياك اعتمدت ولكن هو ما تسمع قال سليمان يا ابن شهاب تعرفه قال نعم جاري منذ ثلاثين سنة ما كلمته كلمة قط قال أبو حازم إنك نسيت الله (3) فنسيتني ولو أحببت الله (3) لأحببتني قال ابن شهاب يا أبا حازم شتمتني قال سليمان ما شتمتك ولكن أنت شتمت نفسك أما علمت أن للجار على الجار حقا (4) كحق القرابة يجب فلما ذهب قال رجل من جلساء سليمان أتحب أن الناس كلهم مثله قال سليمان لا
(٣٧)