دعاء المحسن إليه للمحسن قال فما أفضل الصدقة قال جهد المقل إلى البائس الفقير لا يتبعها من ولا أذى قال يا أبا حازم من أكيس الناس قال ظفر بطاعة الله تعالى فعمل بها ثم دل الناس عليها فعملوا بها قال فمن أحمق الخلق قال رجل انحط في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره قال سليمان يا أبا حازم هل لك أن تصحبنا فتصيب منا ونصيب منك قال كلا قال ولم قال إني (1) أخاف أن أركن إليكم شيئا قليلا فيذيقني الله ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا يكون لي منه نصيرا قال يا أبا حازم ارفع إلي حاجتك قال نعم تدخلني الجنة وتخرجني من النار قال ليس ذلك إلي قال فما لي حاجة سواها قال يا أبا حازم ادع الله لي قال نعم اللهم إن كان سليمان من أوليائك فيسره لخير الدنيا والآخرة وإن كان سليمان من أعدائك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى قال سليمان قط قال أبو حازم قد أكثرت وأطيبت (2) إن كنت أهله وإن لم تكن أهله فما حاجتك أن ترمى عن قوس ليس لها وتر قال سليمان يا أبا حازم ما تقول فيما نحن فيه قال أو تعفيني يا أمير المؤمنين قال بل نصيحة بلغتها إلي قال إن آباءك غصبوا الناس هذا الأمر وأخذوه عنوة بالسيف عن غير مشورة ولا اجتماع من الناس وقد قتلوا فيه مقتلة عظيمة وارتحلوا فلو شعرت ما قالوا وما قيل لهم قال رجل من جلساء سليمان بئس ما قلت قال له أبو حازم كذبت إن الله أخذ على العلماء الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه قال يا أبا حازم أوصني قال نعم سوف (3) أوصيك فأوجز (4) قال نزه الله أن يراك حيث نهاك أو يفقدك من حيث أمرك ثم قام فلما ولى قال يا أبا حازم هذه مائة دينار أنفقها ولك عندي أمثالها كثير فرمى بها وقال ما أرضاها لك فكيف أرضاها لنفسي إني أعوذ بالله أن يكون سؤالك إياي هزلا وردي عليك بذلا إن موسى بن عمران لما ورد ماء مدين وجد عليه رعاء يسقون ووجد من دونهم جاريتين تذودان (5) ثم قرأ " رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير "
(٣٦)