قال عفيف بن معدي كرب عن أبيه عن جده قال كنت عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فأتاه قوم من الأعراب حفاة عراة فقالوا يا رسول الله أنجانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس بن حجر قال وكيف ذاك قال يا رسول الله أقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق أضللنا ثلاثا لا نقدر عليه فبينما نحن كذلك عمد كل رجل منا إلى ظل شجرة أو سمرة يموت تحتها فإذا راكب على بعير له يوضع فلما رآه بعضنا قال والراكب يسمع * لما رأت أن الشريعة همها * وأن البياض من فرائضها دامي تيممت العين التي عند ضارج * يفئ عليها الظل عرمضها طامي * قال فقال الراكب يا عبد الله من يقول هذا الشعر قال امرؤ القيس بن حجر قال والله ما كذب وان عنده الآن لضارجا عليه العرمض (1) يفئ عليه الظل قال فنظرنا فإذا ليس (2) بيننا وبينه إلا قدر عشرين ذراعا فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) ذاك رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار (3) [* * * *] وقال القاضي أبو الفرج قوله في هذا الشعر وإن البياض من فرائضها جمع مريضة وهو الموضع الذي يترعد (4) بن الدابة قال النابغة الذبياني * شك الفريصة بالمدرى فأنفذها * شك المبيطر إذ يشفى من العضد * ومن هاهنا أخذ قولهم فلان ترعد فرائصه إذا وصف بشدة الخوف ومن ذاك الخبر المروي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صلى بأصحابه ورأى رجلين ترعد فرائصهما وأما قوله تيممت العين فمعناه قصدت وتعمدت يقال يممت كذا وكذا إذ قصدته ومن ذلك قول الله عز وجل " فتيمموا صعيدا طيبا " النساء 43 يعني اقصدوا وذكر أنها في قراءة عبد الله بن مسعود فأقول والمعنى واحد (5) أممت وتيممت مثل عمدت وتعمدت ويقال أممت قال الله تعالى " ولا آمين "
(٢٣٢)