تبتغي دفع (1) بأس يوم عبوس * أوجل القلب ذكره ثم هالا * فلما سمع النبي عليه الصلاة والسلام فرح فرحا شديدا وقربه وأدناه ورفع مجلسه وحياه وأكرمه وقال يا جارود لقد تأخر بك وبقومك الموعد وطال بكم الأمد قال والله يا رسول الله لقد أخطأ من أخطأك قصده وعدم رشده وتلك أيم الله أكبر خيبة وأعظم حوية والرائد لا يكذب أهله ولا يغش نفسه لقد جئت بالحق ونطقت بالصدق والذي بعثك بالحق نبيا واختارك للمؤمنين وليا لقد وجدت وصفك في الإنجيل ولقد بشر بك ابن البتول فطول التحية لك والشكر لمن أكرمك وأرسلك لا أثر (2) بعد عين ولا شك بعد يقين (3) مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله [* * * *] قال فآمن الجارود وآمن من قومه كل سيد فسر النبي (صلى الله عليه وسلم) سرورا وابتهج حبورا وقال يا جارود هل في جماعة وفد عبد القيس من يعرف لنا قسا قال كلنا نعرفه يا رسول الله وأنا من بين قومي كنت أقفو أثره وأطلب خبره كان قس (4) سبطا من أسباط العرب صحيح النسب فصيحا إذا خطب ذا شيبة حسنة عمر سبعمائة سنة يتقفر القفار لا تكنه دار ولا يقره قرار يتحسى في تقفره بيض النعام ويأنس بالوحش والهوام يلبس المسوح ويتبع السياح على منهاج المسيح لا يفتر من الرهبانية يقر لله تعالى بالوحدانية يضرب بحكمته الأمثال ويكشف به الأهوال وتتبعه الأبدال أدرك رأس الحواريين سمعان فهو أول من تأله من العرب وأعبد من تعبد في الحقب (5) وأيقن بالبعث والحساب وحذر سوء المنقلب والمآب (6) ووعظ بذكر الموت وأمر بالعمل قبل الفوت الحسن الألفاظ الخاطب بسوق عكاظ العالم بشرق وغرب ويابس ورطب أجاج وعذب كأني أنظر إليه والعرب بين يديه يقسم بالرب الذي هو له ليبلغن الكتاب أجله وليوفين كل عامل عمله وأنشأ يقول *
(٤٣٠)