قد جنبوا الجياد وأعدوا للجلاد مجدين في مسيرهم حازمين في أمرهم يسيرون ذميلا يقطعون ميلا فميلا حتى أناخوا عند مسجد النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقبل الجارود على قومه والمشايخ من بني عمه فقال يا قوم هذا محمد الأغر سيد العرب وخير ولد عبد المطلب فإذا دخلتم عليه ووقفتم بين يديه فأحسنوا عنده السلام وأقلوا عنده الكلام فقالوا بأجمعهم أيها الملك الهمام والأسد الضرغام لن نتكلم إذا حضرت ولن نجاوز ما (1) أمرت فقل ما شئت فإنا سامعون اعمل ما شئت فإنا تابعون (2) وقال الصابوني مبايعون فنظر الجارود في كل كمي صنديد قد دوموا العمائم وتزوا (3) بالصوارم (4) يجرون (5) أسيافهم ويستحبون أذيالهم يتناشدون الأشعار ويتذاكرون مناقب الأخيار لا يتكلمون طويلا ولا يسكتون عيا إن أمرهم ائتمروا وإن زجرهم ازدجروا وقال الصابوني انزجروا كأنهم أسد (6) يقدمها ذو لبدة مهول حتى مثلوا بين يدي النبي (صلى الله عليه وسلم) فلما دخل القوم المسجد وأبصرهم أهل المشهد دلف الجارود أمام النبي (صلى الله عليه وسلم) وحسر لثامه (7) وأحسن سلامه ثم أنشأ يقول * يا نبي الهدى أتتك رجال * قطعت فدفدا وآلا فآلا * وقال البيهقي مهمها (8) * وطوت (9) نحوك الصحاصح طرا * لا تخال الكلال قبل (10) كلالا كل دهماء يقصر الطرف عنها * أرقلتها قلاصنا إرقالا وطوتها الجياد تحمحم (11) فيها * بكماة كأنجم تتلألأ
(٤٢٩)