تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٣ - الصفحة ٣١٥
قال فما هذه الشاة التي أراها في فناء البيت قالت شاة خلفها الجهد عن الغنم فقال أتأذنين في حلابها قالت لا والله ما ضربها فحل قط فشأنك بها فدعا بها فمسح ظهرها وضرعها ثم دعا بإناء يربض (1) الرهط فحلب فيه فملأه فسقى أصحابه عللا بعد نهل ثم حلب فيه آخر فغادره عندها وارتحل فلما جاءها زوجها عند المساء قال يا أم معبد ما هذا اللبن ولا حلوبة في البيت والغنم عازبة قلت لا والله إلا أنه مر بنا رجل ظاهر الوضاءة (2) متبلج الوجه في أشفاره وطف (3) وفي عينيه دعج وفي صوته صهل (4) غصن بين غصنين لا يشان (5) من طول ولا يقتحم (6) من قصر لم تعله (7) نخلة ولم تزر به صعلة (8) كأن عنقه إبريق فضة إذا صمت فعليه البهاء وإذا نطق فعليه وقار له كلام كخرزات النظم أزين أصحابه منظرا وأحسنهم وجها (صلى الله عليه وسلم) أصحابه يحفون به إذا أمر ابتدروا أمره وإذا نهى انتهوا عند نهايته قال هذه والله صفة صاحب قريش ولا (9) رأيته لأنعته ولا جهول إذا فعل (9) قال فلم يعلموا بمكة أين توجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر حتى سمعوا هاتفا على رأس أبي قبيس وهو يقول * جزا الله خيرا والجزاء يكفه (10) * رفيقين قالا خيمتي أم معبد هما رحلا بالحق وانتزلا به * قد أفلح من أمسى رفيق محمد فما حملت من ناقة فوق رحلها * أبر وأوفى ذمة من محمد

(1) أي يرويهم حتى يثقلوا فيربضوا، والرهط ما بين الثلاثة إلى العشرة (دلائل البيهقي 1 / 272).
(2) الوطف كثرة شعر الحاجبين والعينين والأشفار مع استرخاء وطول. (اللسان) وفي رواية غطف وقيل عطف، وهو أن تطول الأشفار ثم تنعطف.
(3) يعني ظاهر الجمال، وأبلج الوجه يعني مشرق الوجه مضيئة.
(4) في صوته صهل، ويروي صحل، أي كالبحة، وهو أن لا يكون حادا (دلائل البيهقي 1 / 283).
(5) كذا بالأصل وخع، وفي دلائل البيهقي: " تعبه نخلة " والنحل: الدقة والضمر.
(6) يحتمل أن يكون معناه أنه ليس بالطويل الذي يؤيس مباريه عن مطاولته (دلائل البيهقي).
(7) وفي رواية: لا تقتحمه عين من قصر، أي لا تحتقره ولا تزودريه (دلائل البيهقي).
(8) الصعلة: صغر الرأس. (البيهقي)، ويقال هي الدقة والنحول في البدن (اللسان) وتروي: الصقلة بالقاف، قال أبو ذر في شرح السيرة: الصقلة جلد الخاصرة، ويعني أنه ناعم الجسم ضامر الخاصرة.
(9) كذا بالأصل وخع والمعنى مضطرب، وفي المطبوعة (السيرة 1 / 270): ولو رأيته لاتبعته ولا جهدن أن أفعل ذلك.
(10) في دلائل البيهقي:
جزى الله رب الناس خير جزائه قالا:: من القيلولة منتصف النهار.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حرف الألف: ذكر من اسمه أحمد 3
2 باب ذكر قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم بصرى ومعرفة وصوله إليها مرة أولى وعوده إليها كرة أخرى 4
3 باب معرفة أسمائه وأنه خاتم رسل الله وأنبيائه 17
4 باب ذكر معرفة كنيته ونهيه أن يجمع بينها وبين اسمه أحد من أمته 35
5 باب ذكر معرفة نسبه وإبراز الخلاف فيه عن العالمين به 47
6 باب ذكر مولد النبي عليه الصلاة والسلام ومعرفة من كفله وما كان من أمره قبل أن يوحي الله إليه ويرسله إلى الخلق بتبليغ الرسالة 66
7 باب معرفة أمه وجداته وعمومته وعماته 95
8 باب ذكر بنيه وبناته عليه الصلاة والسلام وأزواجه 125
9 باب صفة خلقه ومعرفة خلقه 147
10 باب ما جاء في الكتب من نعته وصفته وما بشرت به الأنبياء أممها من نعته عليه الصلاة والسلام 387
11 باب ذكر طهارة مولده وطيب أصله وكرم محتده 400
12 باب ذكر إخبار الأخبار بنبوته والرهبان وما يذكر من أمره عن العلماء والكهان 415
13 باب تطهير قلبه من الغل وانقاء جوفه بالشق والغسل 458
14 باب ذكر عروجه إلى السماء واجتماعه بجماعة من الأنبياء 480