في عملنا للوصول إلى أثبات نص واضح وسليم.
وأما تهذيب ابن عساكر، فهو قسمان: قسم أصدره الشيخ عبد القادر بدران ويمتد على أجزاء خمسة، يقول الشيخ بدران في مقدمة:... الامام المتقن الحافظ الكبير ثقة الدين أبو القاسم علي بن عساكر الدمشقي رحمه الله تعالى فجمع تاريخه الملقب بالتاريخ الكبير في ثمانين مجلدا وجعله تاريخا لمدينة دمشق الزاهرة ضارع به تاريخ بغداد للبغدادي فجاء روضة زاهرة يجتني منها المحدث ثمرات المقاصد، والأديب ورد الخمائل والسياسي حكمة تبهر العقول، واللغوي اكماء وعساقلا، والفقيه نوادر الأصول، والواعظ نكتا ولطائف، والخطيب فقرا تصاغ من العسجد، والبليغ المطابقة لمقتضى الأحوال، والمستفيد نوادرا وأمثالا لا يجدها مجموعة في كتاب إلا أنه طول شرحه بطول السند، وكرر فيه الحوادث تكرارا كان مألوفا في زمنه وقد يمل منه أبناء هذا الزمان، فلذلك هجر حتى عز وجوده، فصار كعنقاء فعرب وحديث مغرب، وأصبح لا يسمح لعشاقه بالوصال ولا يتدانى لقاصده حتى ينال مع احتياج أبناء زمننا إليه وتشوقهم لرؤية طلعته، فأحببت أن أتحفهم به محذوف التكرار والأسانيد، فشمرت ساعد الجد لذلك وأخذت عبارته خالية عن التكرار وأبقيت أسانيد في محلها من صحفه... ثم إني نقحت الحوادث حسب الامكان... وأعملت الفكر في تصحيح ألفاظه التي تناولتها أنامل الكتبة بالتحريف.
وفي مقدمته للجزء الثالث يقول:... وضممت إليه فرائد سنحت للفكر أثناء التهذيب، ونوادر أملتها القريحة أبان الترتيب.
يقول د. المنجد (1):
وهذبه عبد القادر بدران، فحذف منه الأسانيد، وحذف كثيرا من الاخبار فيه، وأثبت ما وافق نزعته الدينية ومذهبه الحنبلي، وقد لا حظنا أثناء مقايستنا هذا المهذب بالأصل أن الشيخ بدران كان كثيرا ما يحذف كلمات لم يفهمها ويثبت بدلا منها كلمات أخرى. ولا يمكن الاعتماد على هذا المهذب في الدراسات العلمية لأنه بعيد عن الأصل في أشياء كثيرة.