تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ١ - الصفحة مقدمة المحقق ٣٠
ويتحدث الحافظ في مقدمته عن كتابه وعمله ونهجه فيه فقال:
أما بعد، فإني كنت بدأت قديما بالاعتزام، لسؤال من قابلت سؤاله بالامتثال والالتزام على جمع تاريخ لمدينة دمشق، أم الشام، حمى الله ربوعها من الدثور والانفصام، وسلم جرعها من كيد قاصديهم بالاختصام، فيه ذكر من حلها من الأماثل والاعلام، فبدأت به عازما على الانجاز له والاتمام، فعاقت إنجازه واتمامه عوائق الأيام من شدة الخاطر وكلال الناظر وتعاقب الآلام.
فصدقت عن العمل به برهة من الأعوام، حتى كثر علي في اهماله وتركته لوم اللوام، وتحشيم من تحشيمه سبب لوجود الاحتشام، وظهر ذكر شروعي فيه حتى خرج عن حد الاكتنام، وانتشر الحديث فيه بين الخواص والعوام، وتطلع إلى مطالعته أولو النهى وذوو الاحكام، ورقى خبر جمعي له إلى حضرة الملك القمقام (1)، الكامل العادل الزاهد المجاهد المرابط الهمام، أبي القاسم محمود بن زنكي بن آق سنقر ناصر الامام، أدام الله ظل دولته على كافة الأنام، وأبقاه مسلما من الاسواء منصور الاعلام، منتقما من عداة المسلمين الكفرة الطغام، معظما لحملة الدين بإظهار الاكرام لهم والاحترام منغما عليهم بإدرار الاحسان إليهم والانعام، عافيا عن ذنوب ذوي الإساءات والاجترام، بانيا للمساجد والمدارس والأسوار ومكاتب الأيتام، راضيا بأخذ الحلال رافضا لاكتساب الحطام، آمرا بالمعروف زاجرا على ارتكاب الحرام، ناصرا للملهوف وقاهرا للظالم العسوف بالانتقام، قامعا لأرباب البدع بالابعاد لهم والارغام، خالعا لقلوب الكفرة بالجرأة عليهم والاقدام، وبلغني تشوقه إلى الاستنجاز له والاستتمام، ليلم بمطالعة ما تيسر منه بعض الإلمام، فراجعت العمل فيه راجيا الظفر بالتمام، شاكرا لما ظهر منه من حسن الاهتمام، مبادرا ما يحول دون المراد من حلول الحمام، مع كون الكبر مظنة العجز ومطية الأسقام، وضعف البصر حائلا دون الاتقان له والاحكام، والله المعين فيه بلطفه على بلوغ المرام.
وانتهى من تصنيفه في مرحلته الأولى سنة 549 ه‍ وبلغ خمسمئة وسبعين جزءا ثم أخذ يزيد فيه، ويضم إليه ما يستجد عنده حتى تمت نسخته الجديدة والمؤلفة من ثمانين مجلدا سنة 559 ه‍.

(1) القمقام من الرجال السيد الكثير الخير الواسع الفضل (اللسان).
(مقدمة المحقق ٣٠)
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 3
2 باب في ذكر أصل اشتقاق تسمية الشام عن العالمين بالنقل والعارفين بأصول الكلام 7
3 باب تاريخ بناء مدينة دمشق ومعرة ممن بناها وحكاية الأقوال في ذلك تسليما لمن حكاها 11
4 فصل في اشتقاق تسمية دمشق وأماكن من نواحيها وذكر ما بلغني من الأقوال التي قيلت 19
5 باب اشتقاق اسم التاريخ واصله وسببه وذكر الفائدة الداعية إلى الاعتناء به 24
6 باب في مبتدأ التاريخ واصطلاح الأمم على التواريخ 28
7 باب ذكر اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في التاريخ 37
8 باب ذكر الهجرة والاقتصاد في ذكره للشهرة 47
9 باب ذكر القول المشهور في اشتقاق تسمية الأيام والشهور 50
10 باب ذكر السبب الذي حمل الأئمة والشيوخ على أن قيدوا المواليد وأرخوا التواريخ 54
11 أصل اشتقاق تسمية الشام وحث المصطفى - عليه السلام - أمته على سكنى الشام وإخباره بتكفل الله - تبارك وتعالى - بمن سكنه من أهل الاسلام 56
12 باب بيان أن الايمان يكون بالشام عند وقوع الفتن وكون الملاحم العظام 101
13 باب ما جاء في نبينا المصطفى خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام عن وقوع الفتن عقر دار المؤمنين 114
14 باب فيما جاء أن الشام صفوة الله من بلاده وإليه يحشر خيرته من عباده 119
15 باب اختصاص الشام عن غيره من البلدان بما يبسط عليه من أجنحه ملائكة الرحمن 125
16 باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للشام بالبركة وما يرجى بيمن دعائه صلى الله عليه وسلم من رفع السوء عن أهلها 130
17 باب بيان أن الشام أرض مباركة وأن ألطاف الله بأهلها متداركة 140
18 باب ما جاء من الايضاح والبيان أن الشام الأرض المقدسة المذكورة في القرآن 146
19 باب إعلام النبي صلى الله عليه وسلم أمته وإخباره أن بالشام من الخير تسعة أعشاره 154
20 باب ما جاء في أن الشام مهاجر إبراهيم الخليل وأنه من المواضع المختارة لانزال التنزل 160
21 باب ما جاء في اختصاص الشام وقصوره بالإضاءة عند مولد النبي صلى الله عليه وسلم وظهوره 166
22 باب ما جاء عن سيد البشر عليه السلام إن الشام أرض المحشر والمنشر 174
23 باب ما جاء من أن الشام يكون ملك أهل الاسلام 183
24 باب ما حفظ عن الطبقة العليا من أن الشام سرة الدنيا 190
25 باب ما جاء من الاخبار والآثار أن الشام يبقى عامرا بعد خراب الأمصار 194
26 باب تمصير الأمصار في قديم الاعصار 197
27 * أبواب ما جاء من النصوص في فضل دمشق على الخصوص * باب ذكر الايضاح والبيان عما ورد في فضلها في القرآن 203
28 باب ما ورد من السنة من أنها من أبواب الجنة 219
29 باب ما جاء عن صاحب (الحوض و) الشافعة أنها مهبط عيسى بن مريم قبل قيام الساعة 224
30 باب ما جاء عن المبعوث بالمرحمة أنها فسطاط المسلمين يوم الملحمة 230
31 باب ما نقل عن أهل المعرفة أن البركة فيها مضعفة 247
32 باب ما جاء عن سيد المرسلين في أن أهل دمشق لا يزالون على الحق ظاهرين 254
33 باب غناء أهل دمشق عن الاسلام في الملاحم وتقديمهم في الحروب والمواقف العظائم 270
34 باب ما جاء عن كعب الحبر أن أهل دمشق يعرفون في الجنة بالثياب الخضر 275
35 باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأهل (الشام) بأن يهديهم الله ويقبل بقلوبهم إلى الاسلام 278
36 باب ما روي في أن أهل الشام مرابطون وأنهم جند الله الغالبون 282
37 باب ما جاء أن بالشام يكون الابدال الذين يصرف بهم عن الأمة الأهوال 289
38 باب نفي الخبر عن أهل الاسلام عند وجود فساد أهل الشام 305
39 باب ما جاء أن بالشام يكون بقايا العرب عند حلول البلايا والامر المرتقب 310
40 باب ما روي عن الأفاضل والاعلام من انحياز بقية المؤمنين في آخر الزمان إلى الشام 313
41 باب ما ذكر من تمسك أهل الشام بالطاعة واعتصامهم بلزوم السنة والجماعة 317
42 باب توثيق أهل الشام في الرواية ووصفهم بصرف الهمة إلى العلم والعناية 326
43 باب وصف أهل الشام بالديانة وما ذكر عنهم من الثقة والأمانة 332
44 باب النهي عن سب أهل الشام وما روي في ذلك عن أعلام الاسلام 334
45 باب ما ورد من أقوال المنصفين فيمن قتل من أهل الشام بصفين 342
46 باب ذكر ما ورد في ذم أهل الشام وبيان بطلانه عند ذوي الافهام 349
47 باب ذكر بعض ما بلغنا من أخبار ملوك الشام قبل أن يدخل الناس في دين الاسلام 369
48 باب تبشير المصطفى عليه الصلاة والسلام أمته المنصورة بافتتاح الشام 380