شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٥٧
معناه لا تمكنوا أهل الذمة من إظهار الصليب في أمصار المسلمين والمرور به في الطرق، لان ذلك يرجع إلى الاستخفاف بالمسلمين، وما أعطيناهم الذمة على أن يستخفوا بالمسلمين.
قال: ولا يجاورنهم الخنازير.
ومعناه أنهم يمنعون أهل الذمة من إظهار الخمور والخنازير وبيعها في أمصار المسلمين لان ذلك معصية، ولا يتمكنون من إظهارها، ولكنهم لا يمنعون من أن يفعلوا ذلك في بيوتهم وكنائسهم التي وقع الصلح عليها، لان هذا ليس بأشد من شركهم وعبادتهم غير الله. ولا يمنعون من ذلك في بيوتهم.
قال: ولا يقعدون على مائدة يشرب عليها الخمر.
وهكذا ينبغي للمسلم أن لا يقعد على مثل هذه المائدة، ولكنه يمنع من شرب الخمر على وجه النهى عن المنكر إن أمكن من ذلك. وأن لا يجوز من ذلك الموضع، فان اللعنة تنزل عليهم كما قال عليه السلام في أشراط الساعة " تدار الكاس على موائدهم واللعنة تنزل عليهم ".
قال: ولا يدخلن الحمام إلا بإزار.
لان ستر العورة فريضة. وفى الحديث: " من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بإزار، ولا يدخل (1) حليلته الحمام ".
قال: وإياكم وأخلاق الأعاجم.
يعنى في التنعم وإظهار التجبر، ومما يكون مخالفا لأخلاق المسلمين من أخلاق الأعاجم وهم المجوس. فقد علمنا أنه لم يرد النهى عما هو من أخلاق المسلمين.

(1) ط " تدخل ".
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»