شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٥٢
وراءنا في الأمم فشربنا دماءهم، فحدثنا أنه ليس من قوم أحلى دما من الروم، فأقبلنا إليكم لنشرب دماءكم. فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا:
حق والله ما حدثنا عنهم يعنون ما أخبرنا به أنهم لا ينصرفون إلا بقبول الدين أو الجزية أو الانقياد لهم شئنا أو أبينا.
37 ثم استدل محمد رحمه الله على جواز قطع النخيل وتخريب البيوت في دار الحرب بقوله تعالى (ما قطعتم من لينه) (1) الآية.
قال الزهري: هو جميع أنواع النخل ما خلا العجوة.
وقال الضحاك: اللينة النخلة الكريمة؟ والشجرة التي هي طيبة الثمرة.
ونزول الآية في قصه بنى النضير، فإن النبي عليه السلام حين قدم المدينة صالحهم على أن لا يكونوا عليه ولا له. ثم خرج إليهم يستعين بهم في دية الكلابيين اللذين (2) قتلهما عمرو بن أمية الضمري، ومعه أبو بكر وعمر وعلى رضوان الله عليهم. فقالوا: اجلس يا أبا القاسم حتى نطعمك ونعطيك ما تريد. ثم خلا بهم حيى (3) بن أخطب فقال: لا تقدرون على قتله في وقت يكون عليكم أهون منه الآن. فهموا بقتل (4) رسول الله عليه السلام. وجاء جبريل عليه السلام فأخبر بذلك رسول الله عليه السلام. فقام توجها إلى المدينة. وفى ذلك نزل قوله تعالى (إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم) (5). ثم سار إليهم فحاصرهم وقال: اخرجوا من جواري، على أن تأتوا كل عام فتجدوا ثماركم. فقالوا: لا نفعل. فحاصرهم خمس عشرة ليلة. وكانوا قد سدوا دروب أزقتهم، وجعلوا يقاتلون المسلمين

(1) سورة الحشر، 59، الآية 5.
(2) ب، أ " الذين ".
(3) ط " أحي "، أ " حي ".
(4) ط " بقتله ".
(5) سورة المائدة، 5، الآية 11.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»