فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: إنكم تنطلقون إلى أرض الشام وهي أرض سبعة (بالسين).
وفسروه بكثرة السباع المؤذية فيها، وهو تصحيف شبعة أي كثيرة النعم بها يشبع المرء من كثرة ما يرى من النعم، فكأنه رغبهم في التوجيه إليها فقال إنكم تنتقلون من الجوع واللأواء بالمدينة إلى مثل هذه الأرض المخصبة.
قال: وإن الله ناصركم، وممكن لكم حتى تتخذوا فيها مساجد فلا يعلم الله أنكم إنما تأتونها تلهيا.
وإنما قال ذلك سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإنه قد جاء في حديث معروف عن النبي عليه السلام قال: " إنكم ستظهرون على كنوز كسرى وقيصر " وبهذا يتبين أنه إنما نهاهم عن التخريب وقطع الأشجار لعلمه أن ذلك كله يصير للمسلمين. وإنما كره لهم أن يأتوها تلهيا لانهم خرجوا للجهاد، والجهاد من الدين. قال الله تعالى {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا} (1) قال: وإياكم والأشر! ورب الكعبة لتأشرن.
والأشر نوع طغيان يظهر لمن استغنى. قال الله تعالى {إن الانسان ليطغى.
أن رآه استغنى} (2). فلهذا أقسم أبو بكر رضي الله عنه أنهم يبتلون بذلك لكثرة ما يصيبون من الأموال مع نهيه إياهم عن ذلك.
ثم الحديث إلى آخره مذكور في الأصل، إلى أن قال:
ثم إذا أنا انصرفت من مقامي هذا فاركبوا ظهوركم، ثم صفوا إلى صفا واحدا حتى آتيكم.
وهكذا ينبغي للامام أن يفعل إذا عرض الجيش.