شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٨٢
لها منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسبب ذلك ما روى أنه لما قرب بعيرها لتركب بعد ما بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يركبها بنفسه فأمرها أن تضع رجلها على فخذه وتركب فوضعت ركبتها على ركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعظمت وضع رجلها على ركبته، وإن كان بأمره. فاستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك منها، وبعد ما قدموا المدينة دخلت عائشة متنكرة مع النساء منزلها لتراها.
فوجدت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماعة من نساء عشيرتها.
فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بين من دخل من النساء، ولم يذكر لها شيئا حتى عادت إلى منزلها. ثم جاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
كيف رأيت صفية؟ فقالت: ما رأيت شيئا غير ابنة يهودي بين يهوديات، ولكني سمعت أنك تحبها. فقال: لا تقولي يا عائشة. فإني لم أر في وجهها كبوة حين عرضت عليها الاسلام.
ثم روى أنه كان إذا اجتمع نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم معها في موضع يخاطبها: يا ابنة اليهودي. فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: إذا قلن لك هذا فقولي: من منكن مثلي؟ أبى نبي وعمى نبي وزوجي نبي. فإنها كانت من أولاد هارون عليه السلام. فلما قالت ذلك لهن قالت عائشة رضي الله عنها: ليس هذا من كيسك يا ابنة اليهودي.
ومن جوز التنفيل بعد الإصابة استدل باعطاء النبي صلى الله عليه وسلم دحية ابنة عم صفية. ولكن تأويل ذلك ما قال محمد:
371 - إن الكتيبة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصا فلذلك أعطاه الجارية واستدل من جوز المعاملة بما ذكر في هذا الحديث في بعض الطرق أنهم قالوا: يا محمد، نحن أرباب الأموال ونحن أعلم بها، فلا تخرجنا. عاملنا على النصف. وتأويل ذلك لأبي حنيفة رحمه الله قد بيناه في أول كتاب المزارعة والله الموفق.
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»