شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٣
وفى الحديث دليل على أن المجاورة بمكة مشروعة. ينال بها (1) الثواب.
أشار إليه عمر رضي الله عنه في قوله: ألا إن لكم العشر (2)، ولكن الثواب في الجهاد في سبيل الله أعظم، فحثهم على الجهاد ببيان تحصيل أعلى الدرجات لكي لا يتخلفوا عن الجهاد معتمدين على أنهم جيران بيت الله وسكان حرمه.
واعتمد فيما ذكر من الأضعاف المضاعفة على قوله {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله. إلى قوله.. والله يضاعف لمن يشاء} (3). فإذا كان هذا موعودا لمن ينفق المال في سبيل الله فمن يبذل نفسه في سبيل الله فهو أولى.
والذي يروى عن أبي حنيفة رحمه الله أنه كره (4) المجاورة بمكة، فتأويله معنيان. أحدهما أنه من كثر مقامه بمكة يهون البيت في عينه لكثرة ما يراه، أو لكي لا يبتلى في الحرم بارتكاب الذنوب. قال الله تعالى {ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} (5).
8 - وذكر بعد هذا عن عمر رضي الله عنه [أنه] قال: لا تزال هذه الأمة على شرعة من الاسلام حسنة، وفى رواية شريعة من الاسلام (16 آ)، هم فيها لعدوهم قاهرون وعليهم ظاهرون، ما لم يصبغوا الشعر ويلبسوا المعصفر ويشاركوا الذين كفروا في صغارهم. فإذا فعلوا ذلك كانوا قمنا أن ينتصف منهم عدوهم.
في الحديث بيان النصرة لهذه الأمة ما داموا مشتغلين (6) بالجهاد.

(1) ه‍، " وهو سبب الثواب ".
(2) ه‍ " العز " وهو خطأ.
(3) سورة البقرة، 2، الآية 261.
(4) ط، ه‍ " أنه استحب لمن فرغ من الحج أن يرجع إلى أهله، فليس ذلك لكراهة المقام، بل لئلا تنقص حرمة البيت في قلبه بكثرة ما يراه، ولئلا يبتلى.. ".
(5) سورة الحج، 22، الآية 25.
(6) ط، ه‍ " مشغولين ".
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»