قال الله تعالى (1) {إن تنصروا الله ينصركم} (2). وفيه بيان أنهم إذا اشتغلوا (3) بالدنيا واتبعوا اللذات والشهوات وأعرضوا عن الجهاد يظفر (4) عليهم عدوهم.
ومعنى قوله كانوا قمنا أي خليقا وجديرا.
ثم كنى عن اتباع الشهوات بأن يصبغوا الشعر، يريد به (5) الخضاب لترغيب النساء فيهم. فأما نفس الخضاب فغير مذموم بل هو من سيما المسلمين.
قال عليه السلام: " غيروا الشيب ولا تتشبهوا باليهود ".
وقال الراوي: رأيت أبا بكر رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته كأنها ضرام عرفج، بنصب العين ورفعه مرويان. يريد به أن كان مخضوب اللحية. فمن فعل ذلك من الغزاة ليكون أهيب في عين الأعداء كان ذلك محمودا منه.
فأما إذا فعل ذلك في حق النساء فعامة المشايخ على الكراهة وبعضهم جوز ذلك. وقد روى عن أبي يوسف أنه قال: كما يعجبني أن تنزين لي يعجبها أن أتزين لها.
وقوله: ويلبسوا (6) المعصفر، فيه دليل على أن لبس الثواب الأحمر مكروه. وقد جاء في حديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس المعصفر (7)، وعن القراءة في الركوع. وقال عليه السلام: " إياكم والحمرة فإنها زي الشيطان (8) ". وفى حديث سعد:
رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ملحفة حمراء فأعرض عنى بوجهه، فذهبت وأحرقتها، ثم رآني فقال: ما فعلت بالملحفة؟ قلت: أحرقتها حين