شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٣
في ذلك الوقت؟ فقال: قد كنت أعلم أنه لا ينبغي لي أن أقوم في ذلك الوقت، لكن يعقوب (1) كان (13 آ) أستاذي فكرهت مخالفته.
ثم وقف محمد على ما فعله أبو يوسف، فقال: اللهم اجعل سبب خروجه من الدنيا ما نسبني إليه. فاستجيبت دعوته فيه. ولذلك قصة معروفة.
ولما مات أبو يوسف لم يخرج محمد إلى جنازته. وقيل إنما لم يخرج استحياء من الناس، فان جواري (2) أبى يوسف كن يعرضن به فيما يبكينه، على ما يحكى أن جواريه كن يقلن عند الاجتياز بباب محمد:
اليوم يرحمنا من كان يحسدنا * اليوم نتبع من كانوا لنا تبعا اليوم نخضع للأقوام كلهم * اليوم نظهر منا الحزن والجزعا فهذا بيان سبب النفرة.
فأما سبب تصنيف هذا الكتاب أن السير الصغير وقع في يد عبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي عالم أهل الشام. فقال: لمن هذا الكتاب؟ فقال: لمحمد العراقي. فقال: وما لأهل العراق والتصنيف في هذا الباب؟ فإنه لا علم لهم بالسير. ومغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانت من جانب الشام والحجاز دون العراق، فإنها محدثة فتحا. فبلغت مقالة الأوزاعي محمدا (3) فغاظه ذلك، وفرغ نفسه حتى صنف هذا الكتاب. فحكى أنه لما نظر فيه الأوزاعي (4) قال: لولا ما ضمنه من الأحاديث لقلت إنه يضع العلم من عند نفسه. وإن الله عين جهة إصابة (5) الجواب في رأيه. صدق الله، وفوق كل ذي علم عليم.
ثم أمر محمد رحمه الله أن يكتب هذا الكتاب في ستين دفترا، وأن يحمل على عجلة إلى باب الخليفة. فقيل للخليفة: قد صنف محمد كتابا يحمل على

(1) ه‍ " لكن أبو يوسف أستاذي ".
(2) ه‍، ط " خدمة ".
(3) ط " فبلغ ذلك محمدا ".
(4) ه‍، ط " فحكى أنه وقع بيد الأوزاعي فلما نظر.. ".
(5) ط " عين جهة الصواب في. ".
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»