العمال - قد ذكره - في حبس المتوكل بسر من رأى، يطالب بما لا يقدر عليه من الأموال. فأنشأ يقول:
جعلت فداك الدهر ليس بمنفك * من الحادث المشكو، والنازل المشكي وما هذه الأيام إلا منازل * فمن منزل رحب، ومن منزل ضنك وقد هذبتك الحادثات، وإنما * صفا الذهب الإبريز قبلك بالسبك أما في نبي الله يوسف أسوة * لمثلك مسجونا على الزور والإفك؟
أقام جميل الصبر في السجن برهة * فأسلمه الصبر الجميل إلى الملك أخبرنا محمد بن علي بن مخلد الوراق، أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران قال:
أنشدنا الحسين بن إسماعيل المحاملي قال: أنشدنا أبو عبادة البحتري:
إذا المرء لم يرض ما أمكنه * ولم يأت من أمره أزينه وأعجب بالعجب فاقتاده * وتاه به التيه فاستحسنه فدعه فقد ساء تدبيره * سيضحك يوما، ويبكي سنه أخبرني علي بن أيوب، أخبرنا محمد بن عمران الكاتب، أخبرني الصولي قال:
قرىء على البحتري لنفسه - وأنا أسمع -:
خليلي أبلاني هوى متلون * له شيمة تأبى، وأخرى تطاوع فلا تحسبا أني تزعت، ولم أكن * لأنزع عن إلف إليه أنازع وإن شفاء النفس - لو تستطيعه - * حبيب مؤات، أو شباب مراجع حدثنا محمد بن علي بن السماك، أخبرنا العباس بن أحمد بن أبي نواس الكاتب، أخبرنا أبو علي الطوماري قال: حدثني أبو العباس بن طومار قال: كنت أنادم المتوكل فكنت عنده يوما، ومعنا البحتري، وكان بين يديه غلام حسن الوجه يقال له راح، فقال المتوكل للفتح: يا فتح إن البحتري يعشق راحا، فنظر إليه الفتح وأدمن النظر، فلم يره ينظر إليه، فقال له الفتح: يا أمير المؤمنين أرى البحتري في شغل عنه، فقال: ذاك دليلي عليه، ثم قال المتوكل: يا راح خذ رطل بلور فاملأه شرابا وادفعه إليه، ففعل. فلما دفعه إليه بهت البحتري ينظر إليه، فقال المتوكل للفتح: كيف ترى؟
ثم قال: يا بحتري قل في راح بيت شعر، ولا تصرح باسمه، فقال:
حار بالود فتى أم * سى رهينا بك مدنف اسم من أهواه في شع * ري مقلوب مصحف أخبرني علي بن أبي علي البصري، أخبرنا محمد بن عمران الكاتب أن أبا بكر