ابن الحسن بن المبارك عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال: مررت مع أبي بالكناسة فبكى فقلت له: يا أبت ما يبكيك؟ قال: يا بني في هذا الموضع ضرب ابن هبيرة أبي عشرة أيام في كل يوم عشرة أسواط على أن يلي القضاء فلم يفعل. وقيل إن أبا جعفر المنصور أشخص أبا حنيفة من الكوفة إلى بغداد ليوليه القضاء.
ذكر قدوم أبي حنيفة بغداد وموته بها:
أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ، أخبرنا جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي. وأخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي، حدثنا طلحة بن محمد بن جعفر المعدل قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، حدثنا جدي، حدثنا بشر بن الوليد الكندي قال: أشخص أبو جعفر أمير المؤمنين أبا حنيفة، فأراده على أن يوليه القضاء فأبى، فحلف عليه ليفعلن، فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل، فحلف المنصور ليفعلن، فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل، فقال الربيع الحاجب: ألا ترى أمير المؤمنين يحلف! فقال أبو حنيفة: أمير المؤمنين على كفارة أيمانه أقدر مني على كفارة أيماني، وأبى أن يلي، فأمر به إلى الحبس في الوقت.
هذا لفظ أبي العلاء وانتهى حديث الواعظ. وزاد أبو العلاء، والعوام يدعون أنه تولى عدد اللبن أياما ليكفر بذلك عن يمينه، ولم يصح هذا من جهة النقل، والصحيح أنه توفى وهو في السجن.
أخبرنا الخلال، أخبرنا الحريري أن النخي حدثهم قال: حدثنا سليمان بن الربيع، حدثنا خارجة بن مصعب بن خارجة قال: سمعت مغيث بن بديل يقول قال خارجة:
دعا أبو جعفر أبا حنيفة إلى القضاء فأبى عليه فحبسه، ثم دعا به يوما فقال: أترغب عما نحن فيه؟ قال: أصلح الله أمير المؤمنين لا أصلح للقضاء، فقال له كذبت، قال: ثم عرض عليه الثانية، فقال أبو حنيفة قد حكم على أمير المؤمنين أني لا أصلح للقضاء لأنه ينسبني إلى الكذب، فإن كنت كاذبا فلا أصلح، وإن كنت صادقا فقد أخبرت أمير المؤمنين أني لا أصلح. قال: فرده إلى الحبس.
أخبرني أبو بشر محمد بن عمر الوكيل وأبو الفتح عبد الكريم بن محمد بن أحمد الضبي المحاملي قالا: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدثنا مكرم بن أحمد، حدثنا أحمد بن محمد الحماني قال: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: سمعت الربيع بن يونس يقول: رأيت أمير المؤمنين المنصور ينازل أبا حنيفة في أمر القضاء وهو