كتاب المجاز في القرآن، وأنه قال: يفسر كتاب الله برأيه؟ قال: فسأل عن مجلس الأصمعي في أي يوم؟ فركب حماره في ذلك اليوم ومر بحلقة الأصمعي، فنزل عن حماره وسلم عليه وجلس عنده وحادثه. ثم قال له: يا أبا سعيد ما تقول في الخبز أي شئ هو؟ قال: هو الذي نأكله ونخبزه، فقال له أبو عبيدة، قد فسرت كتاب الله برأيك. فإن الله قال: * (أحمل فوق رأسي خبزا) * [يوسف 36] فقال الأصمعي: هذا شئ بان لي فقلته، لم أفسره برأيي. فقال أبو عبيدة: والذي تعيب علينا كله شئ بان لنا فقلناه ولم نفسره برأينا. ثم قام فركب حماره وانصرف.
أخبرنا علي بن المحسن بن علي بن محمد التنوخي قال: وجدت في كتاب جدي حدثنا الجرمي بن أبي العلاء قال: أنشدنا أبو خالد يزيد بن محمد المهلبي قال:
أنشدني إسحاق الموصلي لنفسه قوله للفضل بن الربيع يهجو الأصمعي:
عليك أبا عبيدة فاصطنعه * فإن العلم عند أبي عبيدة وقدمه وآثره علينا * ودع عنك الفريد بن الفريدة أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق، أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون الهاشمي، حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن علي العنزي، حدثنا أبو عثمان المازني قال: سمعت أبا عبيدة يقول: أدخلت على الرشيد فقال لي: يا معمر، بلغني أن عندك كتابا حسنا في صفة الخيل، أحب أن أسمعه منك فقال الأصمعي: وما تصنع بالكتب، يحضر فرس ونضع أيدينا على كل عضو منه، ونسميه ونذكر ما فيه، فقال الرشيد يا غلام فرس فأحضر فرس، فقام الأصمعي فجعل يده على عضو عضو، ويقول هذا كذا، قال فيه الشاعر كذا، حتى انقضى قوله. فقال لي الرشيد ما تقول فيما قال؟ قلت: قد أصاب في بعض وأخطأ في بعض، فالذي أصاب فيه مني تعلمه، والذي أخطأ فيه لا أدري من أين أتى به.
وأخبرنا حمزة، أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن، حدثنا أبو بكر بن الأنباري، حدثنا عبد الله بن عمرو بن لقيط قال: لما أخبر أبو نواس بأن الخليفة عمل على أن يجمع بين الأصمعي وأبي عبيدة، قال: أما أبو عبيدة فعالم ما ترك مع أسفاره يقرؤها.
والأصمعي بمنزلة بلبل في قفص يسمع من نغمه لحونا. ويرى كل وقت من ملحه فنونا.